سأختم هذه السلسلة بالفصل الرابع والآخير، قصتي مع مع الثقوب الدودية في الروايات ومن هذا المنطلق، سأقص عليكم بداية إكتشافاتي وكيف كانت مغامراتي، وانا متنقلا بين الماضي والحاضر في الروايات
ومن اجل أن تقوم بمغامره مثيرة مسافرا عبر الزمن لابد أن تمتلك بطاقة العبور، وقد وضحنا في ما سبق أين تجد تلك التذاكر.
الثقب الرابع عثرته عليه في “رواية الأبله”، وكان ثالث ثقب أجده لكاتب واحد، إنه اقيانوس عالم الادب ( دوستويفسكي ) أكثر شخص فهم النفس البشرية بنظر رواد علم النفس، وقد دبج رواية الأبله ببراعة وصنع فيها ثقبا دوديا لا تستطيع الافلات من جاذبيته، وهكذا اكون قد تنقلت في أربعة ثقوب دورية ذهابا وايابا بين الماضي والحاضر وكانت كل تلك الرحلات في ارض روسيا، وها انا قد عزمت مغادرا بعد
شهر ونيف وانا اطوف في مدن روسيا واحلق في سمائها تنقلت في بطرسبرج وضواحيها ودخلت قصورها وزقاقها ومشيت في شوارعاها وكذلك موسكو ومافيها وزرت الكثير من أرياف روسيا وكثير من المدن، وبعد تحليق وطوفان مكثف في تلك الأرض الواسعة من امبراطورية روسيا غادرتها متوجها إلى الجزيرة الخلابة انكلترا، التي تتقاسم مع روسيا والولايات المتحدة الأمريكية مجد الريادة في الأدب العالمي، وكان الهبوط في مدينة الضباب لندن ونزلت ضيف عند احد عباقرة الأدب الكاتب الاديب ريتشارد دكينز وهو المرشد الذي يسقودني في هذه الجزيرة الخلابة واول رواية قرائتها في الأدب الانجليزي كانت أوليفر تويست، وكانت هذه أول نافذة إنجليزية، وهي رواية مكونة من مجلد واحد تضم 582 صفحة، لم ابحث طويلا عن الثقب،عند الصفحات الاولى وجدته وولجت فيه بسرعه فائقة لأرى نفسي في ارض إنجليزية أمام احدى الأبرشيات
لأرى امراءة في ساعة مخاض وهناك قيمات من تلك الأبرشية هن من يساعدنها في الولادة، هكذا كانت بداية تلك الاحداث، وادركت أن هذه الرواية قوية لحد يفوق الوصف حيث اني بعد قرائتها بشهر كنت أحكي لإخوتي أوليفر تويست بطريقة مختصرة وليس بتلك الشغف الذي يأسر العقول وانما في عجلة من امري قتلا للوقت،منتظرا إعداد طعام العشاء، وبينما أنا بدأت أسرد لهم تلك الرواية غير عاب بالتفاصيل، إلا ان هناك استماع بإنصات عجيب، ونظرت للمستمعين فإذا بي أرى اعين تملأها غبطة وسعادة
منتظرين بشوق تلك المشاهد، فنتابني رضا لهذا الموقف وهنا بدأت ازودهم ببعض التفاصيل مبديا حماسه في طريقة سردي للقصة، وبينما انا على هذه الشاكلة فإذا بالطعام قد حان أوانه مما ابدئ استياء لدى المستمعين وفي صخب وعدم رضا من قبلهم، هدأت من نفوسهم واعدا اياهم اني سأكمل لهم في الغد في نفس التوقيت من حيث انتهينا من قصة أوليفر تويست وهكذا كان كل ليلة أسرد لهم جز من هذه الرواية العظيمة.
والنافذة الثانية كانت رواية آ”مال كبرى” وكانت رواية عظيمة لا تختلف عن اختها فراده وجمال، وبعد طواف وتحليق مكثف في انكلترا بصحبة ديكنز
غادرت انكلترا مبحرا إلى ارض الجمال فرنسا واستقبلنى هناك شاعر فرنسا العظيم الاديب فيكتور هوجو وسرعان ما أكرمني بضيافته وفتح لي نافذة البؤسا وفيها ثقب دودي يشوه الزمان والمكان بشكل كبير، ورواية البؤسا مكونة من خمسة مجلدات 2500 صفحة..وفيها من السحر والجمال ما يأسر الألباب، وقصة ذاك القديس الاسقف لاتزال في ذاكرتي وقداستة تفردت عندما لمست يداه كائن متوحش ليتحول إلى ملاك، وهنا تكمن قداسة هذا الاسقف، ويسرد لنا هوجو ملحمة هي من أشد الملاحم ضراوة في التاريخ أنها موقعة واترلوا الشهيرة.
قرأة من رواية البؤسا نصف المجلدات.وتوقفت عن قرأئة الروايات بهذه الفترة.رغبة بقرأة كتاب (بناة العالم) للكاتب النمساوي ستيفان.ولهذا الكتاب ميزة خاصة بالنسبة لي حيث اعطاني ثقة بنفسي أن بإمكاني قرأه اي كتاب لا ينتمي للرواية القصصيه.وهذا المجلد ضخم يضم 748 صفحة وهو موضوع نقدي وتحليل مستفيض وبإسلوب فريد.
هكذا كانت بدايتي مع القراءة وهكذا وجدت الكنز الذي لطالما كان مفقود عني بينما هو كان قريب مني كل القرب
وهكذا تعرفت على الثقوب الدودية المتجسده في الروايات ومن خلال القراءة تتفتح مدارك الانسان وتتوسع آفاقه.