محمد إبراهيم: يكتب
يحكى أنه كان قديما، المجتمعات تعيش في سلام وأمان دون خوف أو استنكار لأي شيء، كانت الأسر تجتمع على طاولة الطعام في ختام كل أسبوع ويشاهدون على العشاء، فيلم السهرة العربي علي التلفاز الأبيض وأسود، وكان المجتمع يعيش في سعادة وحياة كريمة ورضا بما قسمه الله لهم.
مجتمع حقيقي، ليس به أي خيال أو خداع حتى أنه كان لا توجد هواتف محمولة وهذا كان أعظم شيئا، لأنه كانت الأسر تذهب لزيارة بعضهم وتفقد الأحوال كان يوجد ود وصلة للأرحام منتشرة، كان واقعا معيشيا حقيقيا وليس خيالا، حتى تبدلت الأحوال وانقلبت الأمور وظهر المرض الخبيث الذي نطلق عليه اليوم السوشيال ميديا، التي حولت العالم الحقيقي إلى خيال الميديا التي نشرت قطيعة الأرحام، الميديا التي نشرت الجرائم في المجتمع.
نعم لقد حولت السوشيال ميديا، المجتمعات من عالم حقيقي إلى عالم افتراضي، وحي كامل من الخيال وانقراض الحقيقة وكان منها.
أولا: الغربة في البيت، لا ريب أن الميديا حولت البيوت الأسرية إلى مستنقع من البؤس والغربة، أصبح الأبناء في عزلة تامة عن الآباء والأمهات، يحمل كل واحد منهم هاتفه ويتصفح الإنترنت بالسعات الطوال حتى وصل الأمر إلى الآباء والأمهات، حتى تركوا أبناءهم ولا يعلمون عنهم شيء حتى الطعام والشراب أصبحوا يتناولونه وهم يتصفحون الإنترنت ولا يوجد رقابة أسرية.
ثانيا: انتشار الرعب في المجتمعات، بسبب إذاعة أخبار الجرائم التي كنا في أمان منها قبل ظهور الميديا، وكانت قليلة جداً لأن الحديث عنها كان معدوما، أما في زمن الإنترنت أصبحت منتشرة صوت وصورة وبطرق متعددة أمام أعين الجميع.
ثالثا: انتشار الأخبار الكاذبة والشائعات، مما يعرقل ازدهار الدولة والعمل في هدوء ومحاولات هنا وهناك وتخطيط لهدم مؤسسات الدولة، والعمل على تخريبها والقضاء على شعبها فكريا، وثقافيا.
رابعا: نشر الإرهاب في المجتمع، ومساعدة الجماعات الإسلامية على الانتشار عن طريق الإنترنت.
هذا ما فعله بنا عالم الخيال الذي أطلق عليه السوشيال ميديا، ولم نتحدث في هذا المقال عن الجرائم الإلكترونية التي انتشرت، لأنني سأكتب عنها في مقال منفصل.
لذا يجب علينا أن نسرع ونرجع من عالم الخيال إلى عالم الحقيقة، بسبب الخطر الذي ينتظر الجميع، حتى أصبح المجتمع لا يقوم بالزيارات العائلية، ويجتمعون في فيديو كول هل هذا يعقل، حتى أصبح المجتمع أيضا لا يتحدثون على الهاتف ولكن واتساب هل هذا يعد مجتمعا سويا، أن يترك عالم الحقيقة ونعيش في عالم افتراضي يمتلئ بالخيانات الزوجية، والأخلاق الزائفة والأفكار الرجعية، ولا يوجد به ثقافات ولا احترام للكبار ولا عطف على الصغار، أي عالم زائف هذا الذي أراد الناس العيش فيه والانقطاع عن الحقيقة، لا ريب عندي أنه حقا عالم زائف بين الخيال والحقيقة.
لذا يجب علينا جميعا إدراك خطورة عالم الإنترنت، والعودة إلى بيوتنا وحياتنا وأبنائنا، كما كان في السابق كما يجب علينا أيضا أن نسترجع صلة الأرحام والتقرب إلى الأهل والأحباب كما كان في العهد القديم.
خامسا: عدم ترك الأبناء أسرى لهذا العالم الخيالي، لأنهم سيدمنون العيش فيه وعندما ينطلقون إلى العالم الحقيقي، سيجدون صعوبة في التعامل معه واختلاف أخلاقي وفكري وثقافي، فشتان بين عالم حقيقي وعالم افتراضي يبن على الخيال والأوهام ويقضي على الحقيقة.
فكمْ أشتاق للرجوع إلى عهد التسعينيات، حتى تعود الأمم إلى الأسس والأخلاق الحميدة للتعامل بها فيما بينهم، فهيا لنترك الخيال ونعود إلى الحقيقة لتعود النفوس كما كانت، تعيش في عالم حقيقي وليس عالما من صنع الخيال.
قد يهمك:
عن الكاتب:
د. محمد إبراهيم. صحفي مصري، وكاتب مقالات رأي، عضو نقابة الصحفيين، حاصل على بكالوريوس إعلام جامعة فاروس، قسم صحافة، ماجستير صحافة تلفزيونية، دكتوراه في العلوم السياسية مع مرتبة الشرف. أعمل في الصحافة المصرية والسعودية منذ عام 2006.