يحلو دومًا للعاملين في العمل السينمائيّ بمصر إطلاق مسمى «الورق» على سيناريو العمل الفنيّ، سواء كان فيلمًا أو مسلسلًا تلفزيونيًّا.
المتابع الجيّد للشأن السينمائي المصريّ، يمكنه أن يلاحظ وبكل وضوح أن ثمَّة أزمة كبيرة تواجه صناعة السينما، أزمة في الموضوع، الفكرة أو السيناريو، أو من الأخلق أن نقول أزمة «ورق» بلغة أهل الصناعة العريقة صاحبة أكثر من قرن من الزَّمان، صناعة نستطيع القول بأنَّها واحدة من القوى النَّاعمة للدَّولة المصريَّة.
قائمة أفضل مئة فيلم مصري
في عام 1996 من القرن الماضي، وعبر استفتاء جرى بواسطة نقاد السينما على هامش مهرجان القاهرة السينمائيّ الدَّولي في دورته العشرين؛ تمَّ اختيار أفضل مئة فيلم في تاريخ السينما المصريَّة العريق.
الجدير بالملاحظة أن أكثر من ثلاثين بالمئة من هذه الأفلام بالقائمة مأخوذة من روايات لكبار الأدباء، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر فيلم «الأرض» المأخوذ عن رواية بنفس الاسم للروائي عبد الرحمن الشرقاوي، فيلم «أهل القمة» و«الكرنك» و«الحب فوق هضبة الهرم» و«ثرثرة فوق النيل» و«بداية ونهاية» لأديب نوبل نجيب محفوظ، «رد قلبي» و«السقا مات» ليوسف السباعي وغير ذلك.
الرواية هي الحل
حسنًا..إن كنتُ تواجه أزمة حقيقية في الموضوع أو الفكرة الخاصَّة بالعمل الفني -كشركة إنتاج- في ظل فقر أو إفلاس واضح لكتَّاب السيناريو المتواجدين على السَّاحة الفنّيَّة حاليًا؛ فلم لا تلجأ إلى الرواية المصريَّة أو العربيَّة بصفةٍ عامَّةٍ؟ نعم.. الرواية العربيَّة يمكنها انتشالك من عثرتك الفنيَّة، وإفلاس الكثير من كتَّاب السيناريو، أو تواضع ما يقدمونه من أفلام ضحلة ومبتذلة فنيًّا، يمكنها ذلك عبر تحويلها إلى سيناريو محكم مبهر بواسطة سيناريست متميز موهوب.
نتحدَّث عن الكم
أعترف أن هنالك روايات حديثة تمَّ تحويلها إلى أعمال سينمائيَّة في السَّنوات الأخيرة، مثل «الفيل الأزرق» و«تراب الماس» للروائي أحمد مراد، و«هيبتا» لمَّحمد صادق، وقبل ذلك بأعوام رواية «عمارة يعقوبيان» للروائي د.علاء الأسواني، كما لا يمكننا أن نغفل المسلسل الرائع «ذات» للأديب الكبير صُنع الله إبراهيم؛ لكنني أتحدث عن الكم، هذا الكم الضئيل لا بُدَّ أن يتضاعف، أعتبر أن ثمَّة خسارة فظيعة للسينما المصريَّة بإهمالها لأيقونات أدبية رفيعة المستوى مثل رواية «عزازيل» حائزة البوكر للروائي يُوسف زيدان و«حجرتان وصالة» لإبراهيم أصلان «أسوار» لمحمَّد البساطي وهذه مجرد أمثلة بسيطة؛ مقابل أن تهرول مسرعة لسيناريوهات شديدة التواضع من باب «هو ده الموجود، أو الجمهور عايز كده»، وبصورة عامَّة سواء قمتُ -كشركة إنتاج- بالاستعانة بأعمال أدبية قديمة أو حديثة لم تر النُّور؛ فأنت لست الرابح الوحيد، لا.. أنت وجمهور الفن السَّابع من الرابحين، على الأقل فنيًّا، هذا الجمهور الذي لا بُدَّ أن ترتفع بذائقته الفنيَّة والفكريَّة، في ظل هذا الإسفاف والانحدار الذي يراه على شاشة العرض باسم الفن وهو أبعد ما يكون عنه.