هل إطلاق أسماء جديدة على الأشياء يغير من طبيعتها؟ يعني لو أطلقنا على الثعبان اسم ظريف لن يكون ساما؟ الحكاية إننا أحيانا نحاول تغيير مسميات بعض العادات والأفعال لكي نخفف من أثرها ومردودها السلبي، وربما لكي نخفي ما فيها من سلبيات تكاد تصل إلى الجريمة، مثلما نقول على الشاب صاحب العلاقات النسائية المتعددة “بيلعب بديله” وكأنه يمارس كرة القدم وليس الرذيلة.
حقيقة الأشياء لا بد أن تظل واضحة كي تنتقل معانيها ووظائفها إلى الأجيال على حقيقتها، لا أن نرسم لهم صورة غير حقيقية عمدا، كي يضيع معناها الأصلي، في ظل محاولة التطبيع الدائمة مع الانفلات السلوكي والأخلاقي، وتحويل التصرفات الدالة عليها، بأنها ممارسات حضارية وإنسانية، تأتي تلبية لطبيعة الإنسان المخلوق عليها، ثم تصير هي القاعدة وما قبل ذلك هو الشذوذ.
الراقصة دينا خرجت أمس بتصريح منشور أنها لا تفكر بالاعتزال أو التحجب والتفرغ للعبادة، وأنها تفتخر بكونها راقصة، لأنها تقدم فنا، وأن ابنها يفتخر بها في كل مكان وهي مثله الأعلى، وقالت أيضا: “ابني متعلم ويملك ثقافة ووعيا كبيرين، وأنا مربتش ابني على حاجة غلط، ودايما يوجهني وينصحني إن أعمل مدرسة لنفسي في الرقص برا مصر، وأنها تؤدي فروض ربنا بانتظام، وان حساب ربنا ليس بالشكل ولكن بالأعمال”.
بالتأكيد، هي حرة في أفعالها واختياراتها، وحرة أيضا في معتقداتها مهما كانت، لكن فكرة تبرير الأفعال أو الأعمال السلبية أو الخاطئة أو المخالفة للأخلاقيات والأديان، خطيرة على مفاهيم العامة والأجيال القادمة، لأنها عندما تصدر من مرتكب الفعل الخاطئ تتحول إلى مبرر دائم وقاعدة يسير خلفها من يحاول تقليدها أو تشبيهها، بدلا من الإحساس بالذنب والاعتراف بالخطأ، نلجأ إلى تبريره بحق يراد به باطل.
كنت حاضرا في مكتب أحد رجال الأعمال الكبار، وكانت دينا موجودة لحجز تذاكر سفرها لرحلة إلى السعودية ومن بعدها إيطاليا وتركيا على ما أتذكر، ودار حوار في وجود رجل أعمال آخر صديق للأول معها، وتطرق إلى الرقص والدين والحرام والحلال، واذكر أنها قالت:” لا يوجد في حياتي ما يمكن الندم عليه واعتبره خطأ إلا شغلتي”، مؤكدة أنها لا تشرب ولا ترتكب ما يستحق غضب ربنا.
اليوم، كلامها تغير تماما، والواضح أنها لم تعد تعتبر الرقص العاري حرام أو حتى خطأ، وللمرة الثانية هي حرة في اختياراتها، لكن تبريرها لشغلها كراقصة إن ربنا بيحاسب على الأعمال وليس الأشكال، تبرير خاطئ تماما، حتى لو طبقناه عليها فان الرقص العاري أعمال وسوف تحاسب عليها.
الأغرب، أن تصريحات دينا مرت مرور الكرام ولم يتطوع أحد من أنصار المرأة أو الرجل أو أي جماعة من أي نوع، بالرد عليها ورفض تصريحاتها على الأقل حماية لبناتنا من اتخاذها قدوة، والإيمان بأن الأعمال الصالحة تبرر الرقص العاري، وتجعله شيء يفتخر به الأبناء، ويستحق أن يفتح له مدارس لتخريج أجيال جديدة تؤمن بما تقوله دينا!!