الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية بين سياسات حكومية وسلوكيات فردية

 

لم يعد الحديث عن قضية التغيرات المناخية شأنا يخص القادة والمسئولين أو أمرا يبحثه العلماء والمتخصصين أو سياسات يطبها التنفيذيين فقط، بل بات شأن يخص كل فرد كبيرا أو صغيرا، غنيا أو فقيرا، رجلا  كان أو امرأة، فما تحدثه التغيرات المناخية من آثار نلمس تبعتها في كل شيء اليوم بداية من تقلبات الجو، فلم يعد المناخ كما تعودنا حار جاف صيفا معتدل ممطر شتاء، فحرارة الجو ليست كما هي منذ سنوات قليلة في نفس الوقت من العام، وصولا الى ما اصبحنا نتحدث عنه يوميا من أزمات مثل نقص الغذاء وازمات الطاقة، الفقر المائي، الى جانب ظهور امراض وأوبئة تجتاح العالم مثل أزمة كورونا.

 

و كانت مصر قد أعلنت منذ أيام عن إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية 2050، والتي  تهدف إلى خفض معدلات الانبعاثات والقدرة على التكيف مع التغيرات المناخية، فضلا عن تحقيق نمو اقتصادي مستدام ومنخفض الانبعاثات في مختلف القطاعات، مع القدرة على التكيف مع تغير المناخ وتخفيف الآثار السلبية المرتبطة به، وتحسين حوكمة  وإدارة  العمل في هذا المجال، إلى جانب تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة ورفع الوعي لمكافحة تغير المناخ.

صورة 1

تكاتف الجهود

استراتيجية طموحة تهدف بها الدولة مواجهة قضية تغير المناخ التي تعد من أهم القضايا على المستويين المحلي والعالمي، لما تحتاجه من جهود متكاتفة لمواجهة التهديدات التي تفرضها آثار تغير المناخ، وتؤثر بشكل  كبير على التنمية المستدامة، الأمن الغذائي والمائي، والأمن القومي وارتفاع معدلات الفقر، فضلا عن تهديد التوازن البيئي والتنوع البيولوجي وارتفاع معدلات التصحر وزيادة انتشار الأمراض والأوبئة.

و كما كانت رؤية مصر” 2030″ تركز على الارتقاء بجودة الحياة وتحسين مستوى المعيشة في كافة المستويات، مع تحقيق نمو اقتصادي مستدام، تسعى أيضا استراتيجية 2050  لاستكمال الطريق والذي يجيب أن نسير فيه دولا وحكومات ومؤسسات وأفراد.

صورة 2

بصمتك الكربونية

التغيرات المناخية ببساطة هي زيادة في انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري الناتجة من النشاط البشري في المصانع والنقل والعديد من الأنشطة التي يقوم بها، ولعل غاز ثاني أكسيد الكربون هو أحد هذه الغازات التي تنبعث من النشاط البشري، ويشار الى كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة على أنها “بصمة كربونية” أي انها إجمالي الانبعاثات من  الأنشطة  المباشرة وغير المباشرة التي يقوم بها الفرد في أي مكان، ويعد حر الوقود الأحفوري (مثل الفحم أو البترول) المصدر الرئيسي لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري وذلك أثناء إنتاج أو استخدام المنتجات أو أداء نشاط مثل الكهرباء والتقل والتدفئة والتبريد واستخدام المياه والطعام وغيرها وأيضا المخلفات الناتجة عن الإنتاج أو الاستهلاك مثل التغليف، الأكياس البلاستيك.

تقاس البصمة الكربونية للشخص العادي بأطنان من الكربون، وتعتمد على مستوى الدخل ونمط الحياة وعادات الاستهلاك، يبلغ متوسط البصمة الكربونية العالمية للفرد ما يقرب من 4 أطنان من الكربون، بينما يصل في العديد من البلدان الغنية مثل الولايات المتحدة الأمريكية 16 طنا، وفي مصر 2،5 طن اعتبارا من عام 2019، وتشكل المواد الغذائية والمشروبات أكبر مساهمة في البصمة الكربونية الفردية بحوالي 35%، يليها استخدام الطاقة المنزلية والسلع والخدمات المتنوعة بنسبة 20%، ثم النقل والملابس والسلع الاستهلاكية بنسبة15%و 10% على التوالي.

صورة 3

 

ايجابية الفرد

و اذا كانت سياسات واستراتيجيات  التغيرات المناخية تهدف إلى خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من أجل التكيف مع التغيرات المناخية وتخفيف وآثارها السلبية فبالتأكيد دورك كفرد  لا ينفصل عن الأدوار المطلوبة من المؤسسات والجهات المسئولة عن تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتغيرات المناخية، تخيل أن لو حضرتك قررت تستخدم كيس قماش في شراء احتياجاتك من السوق  بدلا من الأكياس البلاستك انك بذلك تقلل البصمة الكربونية وتساهم في تقليل  انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أو انك  تقرر تستخدم منتجات أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة مثل مصابيح (الليد)، أو تقلل استهلاك الطاقة عن طرق فصل الأجهزة الإلكترونية غير المستخدمة أو استخدام المكيف عند الضرورة فقط، أو انك تغلق الستائر في الصيف لتجنب حرارة الشمس الزائدة لتقليل استهلاك كهرباء المكيف، أو مثلا تعليق الملابس لتجف بدلا من استخدام مجفف كهربائي، أو حتى تجنب تكرار فتح وغلق الثلاجة إلا للضرورة وإطفاء الإضاءة نهارا، وحاول مشاركة السيارة اي استخدام سيارتك عندما تكون ممتلئة وليس فقط لشخص واحد أو شخصين، وقد يكون من الأفضل استخدام وسائل النقل المجمعة مثل المترو أو الأتوبيسات السريعة وممكن الدراجة والمشي في المسافات القصيرة غيرها من سلوكياتنا اليومية وعاداتنا الاستهلاكية التي تساهم في مواجهة ازمة عالمية ومواجهة قضية تهدد البشرية، تحتاج الى ايجابية الافرد جنبا الى جنب مع سياسات الحكومات.

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

تعليق 1
  1. غير معروف يقول

    السودان ليش ما موجود


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.