قضية لطالما تناولتها وسائل الإعلام بالمناقشة من أجل الاقتراحات والحلول تارة، وهو ما يسميه البعض الحوار المجتمعي، وبالمناقشة من أجل الاستهلاك الإعلامي وفقط تارة أخرى، وهذا ما يسميه البعض أيضا بحشو الكلام، أي أنه نقاش من أجل النقاش، لكن الغريب والملفت للنظر حقاً، هو أننا وجدنا بارقة أمل لحل المشكلة جذريا من قبل السلطة التنفيذية، وهو ما أعلن عنها الرجل الثاني في مصر بعد الرئيس السيسي، حيث أعلن عن تشكيل لجنة من الحكومة ومجلس النواب في الثالث من فبراير الماضي، وشهدنا في وسائل الإعلام مناقشات، ومحاورات، أسماها كثير من المسؤولين بالحوار المجتمعي، بل أعلنت كيانات شبابية برلمانية مثل تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عن إجرائها جلسات استماع لكلا الطرفين (ملاك ومستأجرين)، وبغض النظر عن الإتيان بطرفين أحدهما غالب باسم قانون الدولة، والآخر مغلوب باسم قانون الدولة، فمن المعتبر أصلا أن أتحدث مع الدولة القديمة التي رسخت مثل هذا القانون، وأعطت حقوقا لمن ليس أهلا لها، وذلك مثل الميراث الشرعي، حيث يرث ابن المستأجر بدلاً من ابن المالك بحجة ما يسمونه بالامتداد القانوني، ويا ليته امتداد وفق مبدأ “العقد شريعة المتعاقدين”، بل إنه امتداد وفق القانون هو شريعة المتعاقدين، وذلك بغض النظر عن مدى عسف وجور هذا القانون وظلمه، ومحاباته لطرف دون طرف، وإلا فأصل القاعدة القانونية، هو أن تكون مجردة، وعامة، ولا أدري أين العمومية والتجريد في قانون الإيجار القديم؟، فليدلني أحدكم أعزائي القراء إن وجد أي من هذه الأصول، لكن دعنا من هذا أو ذاك، فصلب الحديث الذي أريد أن أخوض فيه هذه المرة هو الآثار الاجتماعية الذي خلفها هذا القانون، وذلك هو صلب مقالنا هذا.
الآثار الاجتماعية لقانون الإيجار القديم
للحديث عن الآثار الاجتماعية لقانون الإيجار القديم، ينبغي أن نكون منصفين، ومتجردين، مثل القانون العام المجرد، وهي عناصر غير متوفرة في قانون الإيجار القديم، ولعلك عزيزي القارئ إذا رجعت إلى مقال بعنوان (الإيجار القديم ودراسة علمية بعنوان ” الحقائق الغائبة في السوق العقاري المصري وآليات التطوير”)، ستجد أشياء تبحث عنها، ولكن دعونا لنتحدث عن الآثار الاجتماعية الناجمة عن الإيجار القديم بالطريقة الآتية.
الآثار الاجتماعية بالنسبة للمستأجر
- المستأجر مع طول بقاؤه في الوحدة المؤجرة بقيمة إيجارية متدنية، سقطت عنها قوتها الشرائية، أصبح للأسف الشديد لا يريد ترك ما مكنه منه القانون حتى وإن بنى بيتاً أو برجا، أو عمارة، فقيمة الإيجار بالنسبة له أصبحت زهيدة لا قيمة لها ولا وزن، وإلا ما هي العشرة جنيهات؟، إنها بالكثير تأتي لأخينا المستأجر بعبوة شاي، أو لعلها أتت بكيس شيبسي، وهنا وجد المستأجر نفسه أسير الاستغلال، فهو يراها من حقه مع طول الأمد، خاصة وإن كانت الوحدة منتقلة له عن أبيه أو جده، وكله بقانون الدولة.
- ومن النقطة السابقة، ننظر للأمر من ناحية أخرى، فإذا كان الأمر هكذا بدون ثمن، فلماذا ينفق المستأجر على البيت، أو الشقة التي يسكنها، ولسان حاله “منين ما تقع هروح شقتي اللي لسه شاريها، أو بيتي اللي أنا بنيه جديد”، أو يغلقها بالفعل ويذهب إلى عشه الجديد، تاركاً الوحدة السكنية أو حتى التجارية، لأنه هناك آلاف المحلات مغلقة الآن، وأنا شاهد على ذلك، حيث أن المستأجر الأصلي توفاه الله، والأبناء لا يعملون في مهنة أبيهم، فيقومون بغلق المحل ويساومون ورثة المالك على مبلغ كبير من المال، وهذا متعارف عليه، ويدعون في كثير من الأحيان كذبا، أن أباهم دفع خلو قدره كذا وكذا، فضلا عن محلات الأوقاف التي بيعت بذات الطريقة، والوضع لا يخفى على القاصي والداني.
- وفي أحيان أخرى يقوم المستأجر بالعيش في شقته، ويرممها من الداخل فقط، ليعيش فيها، لأن قيمتها الإيجارية زهيدة أيضا، تاركا بيته الملك أو عمارته، ليقوم بتأجيرها بنظام الإيجار الجديد، فالقضية أصبحت عمل، وليس مجرد سكن.
- مما سبق يظهر لنا سلالة من الأخلاق الرذيلة، توارثها المستأجر الذي يدفع ١٠ و٢٠ و٥ و٤ جنيهات معدودة، وذلك عبر سنوات من ترسيخ لقواعد قالها الرئيس السيسي في حفل إفطار الأسرة المصرية فلتراجعها عزيزي القارئ في مقال بعنوان “أنا والإيجار القديم وهواك من واقع عقد إيجار قديم، وشكرا سيادة الرئيس“
- لقد ورث الإيجار القديم شعورا لدى المستأجر بامتلاك ما يستأجر، وهو ما دفعه دوما إذا ما طالبه المالك برفع القيمة الإيجارية، يذهب ليرميها له في المحكمة، وللأسف الشديد هذا نظام القانون، حيث لا يشترط التراضي.
- لقد أشرنا في مقال سابق بعنوان “بالصور.. مأساة مالك إيجار قديم في أرقى مناطق مصر الجديدة“، فلتراجعها، حيث سينفطر قلبك مما ستقرأ.
- لقد أصبح من يستأجر عقارا من وزارة الأوقاف أيضا، يراه ملكه، بل أعرف بنفسي من هدم محلا، وبنى عليه بيتا مكونا من عدة طوابق، ولا أحد هنا يبحث، أو هناك ليعرف، فأصبح مال الأوقاف مستباحاً، ليركب المستأجر ذنبا لا قبل له به.
- إن المستأجر بقانون الإيجار القديم، أصبح لا يرى أنه مستأجر، بل بسند وبقوة من الدولة، أصبح لا يأبه بالمالك، وأصبح يعامله أسوأ معاملة، ترى، ما هي النتيجة الاجتماعية الأبرز لذلك؟، أتركك لحدسك.
الآثار الاجتماعية بالنسبة للمالك (أثار مختلطة بين الاقتصادي والاجتماعي)
- وأما مالك الإيجار القديم، فيكفيك عزيزي القارئ أن تطالع أخبارهم إن كانوا جيرانا لك، أو كانوا أقارب، فهم إن كانوا من الميسورين الحال، لا يكفون عن المطالبة بحقهم، ولكن شغلتهم همومهم وأعمالهم، أو إنهم ينتظرون تحركا من قبل الدولة، التي تعلن بين وقت وآخر أنها قادمة على حل للأزمة وسرعان ما ينطفئ قدومها، لكن هؤلاء الملاك لم ينسوا أنهم مالكون لعقار إيجار قديم، وفي أي لحظة ربما يتغير بهم الحال فيسعون إلى استرداد ما يملكون، لكن الخطورة تكمن في أنهم كارهين للمستأجرين، وربما لا يسكنون معهم في ذات العمارة، أو البيت، ويكتفون فقط بأخذ الإيجار عن طريق المحكمة، أو يأتون كل فترة لأخذ القيمة الزهيدة، وهذا جعل من الملاك الأحفاد غير مهتمين بأملاكهم، لأنها لا تدر عليهم ريعا يستحق، فيتناسون ما يملكون، وربما تذكروه بمصيبة سقوط العمارة أو البيت المتهتك على رؤوس المستأجرين الذين ربما هم من الفقراء حقا، وليس معهم ما يرممون به وحداتهم السكنية.
- ومن الآثار الاجتماعية الأخرى أيضا للإيجار القديم، أنك قلما تجد مالكا أو وارثا لملك إيجار قديم يحمل شعورا جيدا لمستأجر عنده، بل أنك لا تجد إلا البغضاء والكراهية، وهذا ما يطلقون عليه بسخرية سلما اجتماعيا.
- الملك تفتت، ولم يصل الميراث الشرعي إلى مستحقيه، فأي كارثة اجتماعية أكبر من ذلك ترتكب باسم القانون، بل إنك تجد مالكا لا يجد شقة يسكن بها، وفي بيته الذي يملكه عن طريق الإرث الشرعي شققا مغلقة، لأن المستأجر لا يريد التفريط فيها، ولماذا يتركها لابن المالك وإيجارها ٥ جنيهات، وإن امتلك عمارة بها العديد من الشقق.
- تمني الموت للآخر (المستأجر)، وهذا هو الكره الاجتماعي كما يدعونه بالبلدي “على أبوه”، أي عقد محدد المدة هذا؟!، إن التحديد يعني العلم به، أي يكون محدد المدة، المعلوم هو المحدد، والمحدد هو المعلوم، فهل علم المستأجر متى سيموت، أو علم المالك متى سيموت المستأجر؟، أي طامة خلفها هذا القانون الأعمى؟ نتمنى موت بعضنا نحن أبناء الشعب الواحد، وأبناء الوطن الواحد، ولن أتحدث عن الآثار الطائفية، لأننا شعب لا نعرف الطائفية ولله الحمد.
- مالك الإيجار القديم ليس له الحق في أي منح من الدولة، مثل معاش تكافل وكرامة، أو أخذ شقة في الإسكان الاجتماعي، في حين أن الإيجار القديم جعله من الفقراء بسبب قانون فاسد، وفي ذات الوقت نجد الحكومة إلى الآن تتباطأ عن إطلاق صفارة النهاية لهذا الجور والظلم الذي أحدثته أنظمة بائدة.
خاتمة وتعقيب
ربما يختلف الكثير من المستأجرين معي، وأيضا من الملاك، لكنني هنا أعبر عن وجهة نظر موضوعية، تقول الحكومة أنها على وشك أن تحلها، لكن لم نرى إلى الآن سوى فرقعات إعلامية، تضيع نتيجة لها أموال الأوقاف، وهنا مقالة بعنوان “الإيجار القديم ووزارة الأوقاف.. هل ستمضي السنين العجاف؟“، اطلع عليها لتعلم، (الوقف من أجل الله أي الغلابة)، وتضيع الحقوق الشرعية، وتنتهك مواد الملكية والميراث في الدستور بسببها، فلصالح من!، يستمر هذا القانون إلى الآن؟، لصالح من؟!، لصالح من؟!.
انت بقى مالك لايجار قديم وكل دى حوارات ياعم قلنا ١٠٠٠ مره فيه قانون وفى عقود وفي احكام دستوريه كل ده مش عاجبك اومال ايه اللى يعجبك اطلع واسيبلك الشقه صح انت بتنظر من وجهه نظرك عشان تحقق الاستفاده وغيرك بينظر انه دفع خلو ومقدم كبير ووضب مسكنه بمبالغ كبيره ودفع ايجار كان قيمته كبيره وقتها وتحمل كل هذا حتى يؤمن مسكن له ولاسرته يبقى مفيش داعى تحور وتلف الكلام وانت لما اجرت او لما ابوك اجر ماهو كان عارف كل الكلام ده كويس مااتضحكش عليه ولا اتغفل ولكن كان بارادته تماما ويعلم عن القانون كل العلم نرجع ونقول ماتحورش الله يكرمك وروح بعيد عننا الله لايسيئك
يارب يارب يارب
أحسنت الوصف أستاذ أحمد..عن نفسي أحد من ينتظر موت المستأجر لأنى ببساطه سواق توكتوك ومقيم أنا وعائلتي بمنور العقار اللي المفروض إني صاحبه ووارثه من أبويا بل ولم أسلم من المستأجرين عندي رفعوا صدى قضية لاني بنيت غرفة في منور عقاري أقيم فيها أنا وعيالي وكادوا أن ينالوا مني لاني خالفت وبنيت في المنور..يارب يسقط قانون الايجار القديم..
اللى زيكم ينتظروا حتى ابوهم يموت مش المستاجر عشان الماده ايه الجشع ده ولا حتشم حاجه خليك كل فى نفسك ده انتو عالم مايعلم بيها الا الله واللى بيتقال عليكم ده صحيح
ايضاً مآساة اخرى فى مصر الجديدة تخيل ارملة لواء بالجيش معاشها لا يقل عن ١٤٠٠٠ ج غالقة الشقة من ١٨ سنة وعملاها مخزن ويبدو انها متزوجة عرفى فى المدن الجديدة وطبعا الايجار ثمن ٢ كيس شيبسي
والشقق الاخرى فجأة كل اولادهم المتزوجين خارج الشقق فجأة اطلقوا ورجعوا بأولادهم ليقيموا مع والديهم بحجة كبار فى السن ومحتاجنهم واستعمال المصعد ليل نهار ودليفرى طوال اليوم