يبقى اليوم الجمعة 5 مايو من العام 2016 يومًا من الأيام المدونة في كتب التاريخ الإنجليزية بشكل خاص والعالمية بشكل عام، حيث جلس على كرسي عمدة لندن للمرة الأولى في تاريخ بريطانيا، المرشح المسلم صادق خان، المحامي العضو في حزب العمال البريطاني.
هاجر والداه من باكستان، وعمل والده سائقًا للباص في العاصمة البريطانية لتدبير تكاليف الحياة في واحدة من أكثر مجن العالم ارتفاعًا في الأسعار، قد أنهى دراسته الجامعية ونال شهادة الحقوق وعمل بعدها محاميًا يهتم بالقضايا المتعلقة بحقوق الإنسان، ثم اندمج وانغمس بعد فترة في القضايا السياسية.
وجاء العام 2005 ليصبح صادق خان عضوًا في البرلمان عن حزب العمال، وشغل بين عامي 2008-2010 منصب وزير الدولة لشئون الإدارة الذاتية والنقل في حكومة جوردن براون، ثم ترأس بعد ذلك حملة إيد ميليباند لرئاسة الحزب ونجحت حملته ووصل ميليباند لرئاسة الحزب.
الجمعة 6 مايو من 2016، فاز المسلم باكستاني الأصل صادق خان، مرشح حزب العمال، بمنصب عمدة العاصمة البريطانية لندن لتكون أول مرة في تاريخ بريطانيا التي يصل فيها مسلم إلى هذا المنصب في عاصمة لا تتجاوز نسبة المسلمين فيها الـ12% من إجمالي السكان، وذلك بعد تغلبه على منافسه المحافظ المليونير “زاك جولد سميث”، وهكذا يكون خان أول مسلم في أوروبا يصل لهذا المنصب.
وحصل خان على المركز الأول بنسبة 44% وجاء “جولد سميث” في المركز الثاني بنسبة 35% بحسب صحيفة الجارديان البريطانية.
وكانت استطلاعات الرأي قد أعطت “صادق خان” صاحب الـ عامًا تقدماً بأكثر من 10 نقاط على منافسه المحافظ المليونير “زاك جولد سميث” أمس الأول، ويخلف صادق خان النائب عن حي شعبي في جنوب لندن، رئيس البلدية الذي يحظى بشعبية “بوريس جونسون” مرشح حزب المحافظين، ويصبح أول رئيس بلدية مسلم لعاصمة غربية كبرى.
وحول هذه السابقة الأولى في التاريخ الأوروبي قال صادق خان “أنا فخور بأنني مسلم”.، وكذلك أنا لندني، بريطاني ولدي أصول باكستانية، وأب وزوج ومناصر لنادي ليفربول منذ زمنًا طويل “أنا كل هذا”.
وأضاف خان في تصريحاته عقب فوزه بالمنصب الرفيع، “لكن العظيم في هذه المدينة هو أنك تستطيع أن تكون لندنياً من أي معتقد أو بلا معتقد، ونحن لا نتقبل بعضنا فقط، بل نحترم بعضنا ونحتضن بعضنا ونحتفي ببعضنا هذه إحدى المزايا العظيمة للندن.
هجوم من المنافس ومحاولة للتشويه.
مثل أي انتخابات ليس بالضرورة أن يكون جميع الأطراف متسامحة مع الآخر أو تتقبل الهزيمة أو المنافسة بروح رياضية، فقد دأب منافس صادق خانق الملياردير “زاك جولد سميث” النائب عن حي ريتشموند السكني، على تشويه صورة “خان” على مدى أشهر حيث دائمًا ما كان يربط بين صادق خان المحامي المدافع عن حقوق الإنسان، وبين المتطرفين الإسلاميين، وهو الاتهام الذي كرره رئيس الوزراء ديفيد كاميرون الأربعاء أمام البرلمان.
وأيضًا حملة ضد حزب “عمدة لندن”
يقول محللون إنه في مدينة تعد 30% من غير البيض ومعروفة بالتسامح والتنوع الثقافي قد تترك هذه الاستراتيجية أثراً عكسياً.
وتركت مسألة انتمائه الديني عدداً كبيراً من الناخبين الذين سألتهم الوكالة الفرنسية آراءهم غير مبالين، بمن في ذلك أعضاء الجالية المسلمة.
وقال كوروز زومان الطباخ المسلم (57 عاماً) إنها “مسألة لا تحدث أي فرق”. وأضاف “أيا يكن اسم الشخص الذي سينتخب، فإن ما نريده هو أن يفي بوعوده”.
وفضلت لين كالاكو (28 عاماً) أن تتحدث عن المسيرة الاستثنائية لصادق خان، ابن سائق الحافلة المهاجر، الذي قد يتحكم في مصير واحدة من أكبر مدن العالم، وقالت “صادق خان ناضل، وعائلته ناضلت.. وسيناضل على الأرجح بمزيد من القوة ليجعل من لندن مدينة يسودها مزيد من العدالة”.
وكتب توني ترافرس الأستاذ في معهد لندن للاقتصاد في صحيفة “إيفنينغ ستاندرد”، “لا يمكن القول أن الأمور محسومة” مضيفاً أن نسبة المشاركة ستكون حاسمة.
مشاكل العاصمة
كأي انتخابات يعد المرشّحون بمواجهة المشاكل الملحة لدوائرهم، وكون المرشح المسلم صادق خان، ونظيره الملياردير “زاك جولد سميث” يتنافسان على مقعد المدينة التي ارتفع عدد سكانها إلى ما يقرب 9 مليون نسمة، ترتفع بها أسعار المساكن ووسائل النقل المكتظة ويزيد فيها التلوث.
وأحد أبرز الفروقات بينهما يتعلق باستفتاء 23 يونيو حول مكانة بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، حيث يرى صادق خان ضرورة استمرار بريطانيا في الاتحاد بيمنا يدعو منافسه الثري “زاك جولد سميث” إلى الخروج من الاتحاد.