إذا شعرنا بالأسف على أنفسنا فقط في مواجهة الأحداث التي تحدث لنا، وإذا شعرنا باستمرار بأننا ضحية ومحاصرون، وإذا اعتقدنا أن كل شيء يحدث لنا فقط، فقد يكون موقفاً إشكالياً حقاً كل أنواع الأشياء تحدث لنا جميعاً في الحياة؛ بعضها صعب، وبعضها أصغر جزئياً وقابل للحل… ولكن بطريقة ما “لا يمكن للجميع أن يكون دائماً سعيداً وفائزاً دائماً ” ثم لماذا تريد إثارة الشفقة؟ ولماذا تحاول مراراً عـرض معاناتـك أمـام الآخرين، باحثـاً عـمن يطربه سـماع ذلــك عنــك أم عــمــن يعطيــك مفاتيــح الأبواب المغلقة، وهــل تظـن أن تلـك المفاتيح تقـدم بالمجان؟
الشفقة على الذات ولعب دور الضحية:
يقع بعض الناس بسهولة في دور الضحية من خلال الشعور بالأسف على أنفسهم هؤلاء هم الأشخاص الذين يضعون أنفسهم باستمرار ويرون أنفسهم ضحايا من خلال التصرف بهذه الطريقة، فإنهم يتوقعون المساعدة من الأشخاص الخارجيين لإنقاذ أنفسهم بعد فترة، عندما يرون أن الناس لا يساعدونهم، قد يصبحون مستائين وغاضبين منهم هذه المرة الأشخاص الذين يشفقون باستمرار على أنفسهم ويلعبون دور الضحية يبحثون عن شخص مسؤول عما حدث لهم إنهم يكافحون للعثور على الشخص المسؤول عن مشاعرهم ووظائفهم وقراراتهم.
غالباً ما يكون ضعف الثقة بالنفس سبباً في دخول الشفقة على الذات إلى وضع الضحية لأن الشخص قد استوعب، وقبول أنه يمكن أن يخطئ وهو غير ملائم لدرجة أن هذا الموقف يجعله غير قادر على تحمل مسؤولية الأحداث في الحياة يحاول هؤلاء الأشخاص عدم اتخاذ القرارات الكبيرة بأنفسهم.
الأشخاص الذين يشفقون على أنفسهم ليسوا نشطين بل سلبيين في حياتهم هؤلاء الناس لا يستطيعون التحكم في حياتهم بهذه الطريقة، إذا لم تسر الأمور على ما يرام، فيمكنهم إلقاء اللوم على الآخرين والشعور بالضحية والخروج من الموقف. ومع ذلك، حتى لو شعر الشخص بالأسف على نفسه ودخل في نفسية الضحية، عندما لا تسير الأمور على ما يرام ويكون هناك أشخاص ملومون، فإنه لا يزال يشعر بالذنب في الداخل.
كيف تتشكل الشفقة على الذات؟
لا أحد يولد بشعور من الشفقة على الذات عند الرضع والأطفال الصغار، لا يحدث هذا الإحساس من تلقاء نفسه ومع ذلك، إذا كانت الأخطاء التي ارتكبها الإنسان في طفولته تنعكس على الطفل كما لو كانت بسبب أشياء أخرى؛ على سبيل المثال، إذا بدأ الطفل في التفكير في أنه يحظى باهتمام وحب من أسرته فقط عندما يبكي أو يشكو، أو إذا واجه مواقف مثل الكراهية، أو جعله يشعر بأنه غير لائق، أو مستبعد، تركته عائلته وحيداً، ثم يطور هذا الطفل آلية دفاع لنفسه للبقاء على قيد الحياة عندما يكبر، ويتحول إلى دور الضحية.
بالنهاية دعني أذكرك، تأمــل في كل مــن ســمع أنينــك ورأى شــحوبك، مــاذا جنيــت منــه ســوى أنــك فقـدت أمامـه أجـزاءً منك دون أن يجبرك عـلى فعـل ذلـك، جـرب التوقـف عن الشكوى قبل أن تخسر نفسك بالكامل، وقـم بكبـح تلـك الرغبـة بالتذمـر مهما اشـتدت بـك المعاناة، فجميعنـا دون اسـتثناء نمتـص كـماً هائلاً مـن الصدمـات بهدوء تـام، وليـس لعجزنـا عـن البـوح بـل إنما حفاظـاً على مـا تبقـى مـن أجزاء سـليمة في دواخلنـا، ولربـما لعـدم الجدوى مـن البـوح في غالـب الأحيان.