كان يعتقد الشعب المصري أن الإعلامي الساخر الدكتور باسم يوسف سيعود على الشاشة مرة أخرى ليبدأ إنتقاد الأحداث التي تحدث في مصر سواء كانت سياسية أو إعلامية أو غير ذلك بصورة ساخرة مؤثرة تصل إلى الجمهور المتعلم والأمي بصورة سريعة لكن بسبب التضييق الذي تعرض إليه بعد صعود الجنرال المشير عبد الفتاح السيسي إلى كرسي الحكم كان كافيًا بإزاحته من الساحة الإعلامية المصرية.
وفوجيء المتابعون للبرامج الساخرة بانتقال شخصية العرائس المتحركة (أبلة فاهيتا) من الإنترنت إلى برنامج ساخر أو قد يسميه البعض ببرنامج (ستاند آب) شعبيته لا تساوي شعبية برنامج “البرنامج” الذي حقق نجاحات سواء على الإنترنت أو عبر الفضائيات.
مَن هي أبلة فاهيتا؟
ظهرت أبلة فاهيتا على الفيسوبك عام 2010 لكن ذاع صيتها حينها بعد إعلان قامت به لشركة “فودافون” مصر، وذلك لا لشيء إلا حينما تقدم أحمد سبايدر من على فضائية “الفراعين” ببلاغ إلى النائب العام يتهم فيها “العروس المتحركة” بأنها منضمة لجماعة إرهابية دولية وأنا تسعى إلى القيام بعملية ارهابية لتفجير أحد المراكز التجارية في القاهرة.
وفي ذلك الوقت ظهر العديد من الأشخاص في الإعلام يتهم هذه الدمية بأنها تقوم بدعاية مشفرة تتضمن خطط كبيرة للقيام بعمليات إرهابية، وهذا ما أنكرته شركة فودافون، وبعد ذلك خفت نجم هذه الدمية، ولم يكن لها تأثير كبير سوى بسخرية المصريين أنفسهم منها.
بعد ذلك ظهرت مرة أخرى في أغنية “مايستهلوشي” حيث قام الموزع الموسيفي حسن الشافعي، بمشاركتها في الفيديو كليب للأغنية، وحققت نجاحًا باهرًا على موقع “يوتيوب” حيث بلغ عدد مشاهدة الفيديو كليب أكثر من سبعة ملايين مشاهدة.
مَن هو باسم يوسف؟
باسم يوسف هو الطبيب الجراح المصري الذي منذ البداية كان محدد بوصلة برنامجه “باسم يوسف شو +B” الذي كانت ينتقد فيه الأحداث السياسية التي تهم جميع المصريين، وبدأ على اليوتيوب وحقق نجاحًا باهرًا رغم استخدامه أدوات بسيطة، وديكورات لا تزيد عن طاولة، وكرسي، وكاميرا واحدة، ولوحة حائط تضم صور التقطها بعض هواة التصوير من ميدان التحرير.
وحتى بعد انتقاله إلى فضائية “أون تي في” ليقدم برنامجه “البرنامج” حقق نجاحًا آخرًا، إلى أن انتقل إلى فضائية “سي بي سي ” في شهر نوفمبر من عام 2012، وانتهى به الحال في فضائية “إم بي سي مصر”.
ووصلت ميزانية برنامج “البرنامج” إلى نصف مليون دولار تقريبًا ما جعل باسم يوسف هو الشخص الأول في العالم العربي الذي يتحول برنامجه من الإنترنت إلى شاشة التلفزيون، وينافس برنامجه أضخم البرامج الأخرى في رمضان 2011 حتى كتبت عنه الصحف العالمية.
الاختلافات الجوهرية بين أبلة فاهيتا وباسم يوسف
– المشاهد المصري لا يتأثر كثيرًا بالعرائس بالقدر الذي يتأثر به بالإنسان الذي يتحدث معه في برنامج ساخر لذلك باسم يوسف يتفوق من هذه الناحية.
– لغة باسم يوسف في الحديث والنقد الساخر للأحداث السياسية أو الإعلامية سهلة تصل إلى المشاهد البسيط الأمي الذي لا يعرف القراءة والكتابة لكن أبلة فاهيتا تتحدث بلغة ساخرة مختلفة لا يفهمها كثير من المشاهدين البسطاء.
– المواضيع التي كان يختارها باسم يوسف كانت مؤثرة، وهي الأقرب إلى المواطن المصري سواء في الفترة الإنتقالية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وأثناء فترة صعود جماعة الإخوان المسلمين، ورئاسة الرئيس الدكتور محمد مرسي، وحتى بعد سقوط الإخوان ومرسي وبداية صعود المشير عبد الفتاح السيسي إلى كرسي حكم مصر حتى أن أول حلقاته أثارت جدلًا ليس على المستوى المصري فقط بل وصل إلى المستوى العالمي.
– باسم يوسف كان مثيرًا للإنتقاد من جل الاتجاهات سواء من مَن يطلق عليهم الفلول أتباع نظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، أو من جماعة الإخوان المسلمين، أو حتى من مؤيدي حكم الجيش المصري ممثلًا في صعود رئيس مخابراته السابق إلى الحكم، وهذا نجاح لم تستطع شخصية الدمية “أبلة فاهيتا” تحقيقه.
– البرنامج الذي تقدمه أبلة فاهيتا أقرب إلى البرامج الفنية، التي تستضيف المشاهير، وتتكلف الضحكة فهناك فارق كبير ما بين إنسان يقدم برنامج، وعروس لا توجد بها روح تحصل على وقت كبير جدًا على شاشة فضائية “سي بي سي” لتتحدث عن حياتها الافتراضية، وعلاقتها بمشاهير الإعلام أو السينما.
– برنامج “الدبولكس” الذي تقدمه الدمية أبلة فاهيتا يتركز على شخصيتها هي كمحور رئيسي للبرنامج، وهذا لا يستهوي جميع المشاهدين، فهناك من يقول: “إيه الهبل ده أنا مش حاسس إنها زي باسم يوسف خالص، دي بتمثل وبتتكلف وبتحاول أن تستعرض وخلاص”.
– منشورات أبلة فاهيتا على حسابها الرسمي على موقع التواصل الإجتماعي “فيسبوك” يلقى نجاحًا كبيرًا عن كونها تقدم برنامج ترفيهي خفيف، وتحاول الربط بين برنامجها وبرنامج “البرنامج”، فهذا الخطأ الكبير الذي وقعت فيه، فلو كان مصمم الدمية قدم برنامجًا على أساس شهرة الدمية بعيدًا عن باسم يوسف لكان أفضل له.
– برنامج “البرنامج” كان يمثل في حد ذاته حالة فريدة في مصر والعالم العربي، فإنتاجه الضخم، والاسكريبت المتقن كان يساعده على الحديث عن أهم ما يشغل المواطن، بعكس فاهيتا التي تعتمد على “افيهات” مصطنعة لا يهتم بها جميع طبقات الشعب المصري، اللهم إلا المرفهون منهم.
– من الواضح جدًا أن تأثير “أبلة فاهيتا” على الجمهور غير مثير للجدل على الإطلاق، فالرقابة سمحت للبرنامج أن يعرض في نفس استوديو برنامج “البرنامج”، حتى محاولة كاتب الاسكريبت الخاص بـ “أبلة فاهيتا” وبرنامجها “في الدوبليكس” في أن يتحدث بصورة جريئة لم تلق حتى إثارة للجدل، سوى لدى بعض الإعلاميين، والدعاة الذين حاولوا أن يثيروا أي شهرة أو أحداث مع الركود الكبير، وعدم الحديث في الأحداث السياسية الكبرى التي تحدث في مصر سواء من ظلم الشرطة أو سيطرة الجيش على مفاصل الحكم.