التبرع بالإكراه، هو ما وصف به البعض قرار الحكومة المصرية، إلزام كافة المواطنين بدفع رسوم إضافية لصالح الجمعيات الخيرية والأهلية في البلاد، التي فرضتها على تذاكر السينما والمسارح، والسكة الحديد، والتلغراف والمكالمات التليفونية، وتشكل الخطوة الجديدة عبئًا إضافيًّأ على المواطن، وكانت محل خلاف بين رجال الدين حول مشروعيتها، وتحت أي مسمى يمكن أن تُدرج، هل تعتبر من أعمال الصدقة أو الزكاة أم هي خطوة اقتصادية بحتة، الغاية منها دعم خطة الإصلاح الاقتصادي في البلاد؟، حيث كان مجلس الوزراء وافق على مشروع قانون يقضي بتعديل أحكام القانون رقم 63 لسنة 1942 المتعلقة بفرض رسم إضافي لصالح الاعمال الخيرية والجمعيات الأهلية على الخدمات وتشمل (تذاكر السينما والمسارح، والسكة الحديد، والتلغراف والمكالمات التليفونية)، وعن موجبات هذه الخطوة قالت الحكومة أنها بهدف تحقيق أهداف العدالة الاجتماعية وتوفّر سبل التكافل الاجتماعي بما يضمن الحياة الكريمة لكافة المواطنين.
خطوة تثير الجدل
أثارت خطوة الحكومة بفرض رسوم إضافية على الخدمات لصالح الأعمال الخيرية، جدلا بين رجال الدين، فقال رمضان خاطر، أستاذ الفقه في جامعة الأزهر، في تصريحات صحفية: إن “فرض رسوم إجبارية لا يجوز شرعًا خاصة إذا كانت فوق طاقة المواطنين، ولا ينبغي لولي الأمر أن يفرض رسومًا على الناس فوق طاقتهم؛ مهما كانت الأسباب”.
وأشار خاطر إلى أن التبرع للأعمال الخيرية أمر مباح وجائز ولكن ليس واجبًا أو فرضًا على الناس، فلا يجوز إلزام الناس بأمور فوق طاقتهم، لأن الله تعإلى قال في كتابه العزيز: “لا يكلف الله نفسًا إلّا وسعها”، واستطرد قائلًا: “ما ليس بالوسع ليس بواجب”، وأكّد خاطر على أنه يمكن للحكومة فرض رسوم على المقتدر في حدود استطاعته، بحيث يكون بمقدوره الدفع بنفس راضية، ولأن رسول الله قال: “لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه”.
ومن جهته وبوجهة نظر مختلفة قال العالم الأزهري، سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف الأسبق، يعتبر تحصيل رسوم على تذاكر السينما والمسارح، والسكة الحديد، والتلغراف والمكالمات التليفونية “مسألة لا تتعلق بالشرع؛ بل هو أمر اقتصادي بحت، ولا يُسأل في مشروعيته من الناحية الدينية”، مشيرًا إلى أن الأمر قضية قانون مدني يتم مناقشته اقتصاديًّا أو تشريعيًّا.
وأيّد ما ذهب إليه الدكتور خاطر، أستاذ كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر الدكتور البصيلي، الذي قال في تصريحات صحفية مؤكدًا: “أن هذه الخطوة لا تخرج عن إطارها الاقتصادي والتشريعي فهي مسألة اقتصادية بحتة”، وأوضح أنه سوف يتم إصدار بيان تفصيلي بمثل هذه الأمور من قبل لجنة الفتوى في الأزهر التي ستجتمع من أجل هذه الغاية.