علي هامش قمة المناخ..ما هو الهيدروجين الأخضر وكيف تصبح مصر جسرا للطاقة بين إفريقيا وأوروبا ؟
السيسي يفتتح المرحلة الأولى من مشروع الهيدروجين الأخضر
مصر تقدم نموذجا فعليا يؤكد على أن تكون قمة المناخ في دورتها السابعة والعشرين والمنعقدة حاليا بشرم الشيخ، هي قمة التنفيذ، حيث افتتح الرئيس السيسي اليوم المرحلة الأولى من مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر، بالمنطقة الاقتصادية بقناة السويس ليؤكد على أن مصر في طريقها نحو التحول الأخضر بحثا عن مصادر بديلة للوقود الأحفوري ممثلا في الطاقة الجديدة والمتجددة.
و كان الرئيس السيسي قد أعلن في مائدة مستديرة بعنوان “الاستثمار في مستقبل الطاقة” على هامش مؤتمر قمة المناخ، كما أعلن مبادرة” المنتدى العالمي للهيدروجين المتجدد” بالشراكة مع بلجيكا، عملت عليها مصر وبلجيكا خلال الأشهر الماضية، والتي تهدف إلى إنشاء منصة دائمة للحوار بين الدول المنتجة والمصدرة للهيدروجين، وخلق ممرات التجارة والاستثمار في الهيدروجين، بغرض التنسيق بين السياسات والإجراءات، للإسراع من وتيرة الانتقال العادل الذي نصبو إليه.
وأكد السيسي أن مصر تحرص على تذليل العقبات التي تواجه الاستثمار وقد اتخذت مصر عدة إجراءات لزيادة الاعتماد على الهيدروجين الأخضر، من المتوقع أن تكون مصر جسرا للطاقة بين إفريقيا وأوروبا، في ظل أزمة الطاقة العالمية وما فرضته من تحديات أمام الدول النامية، والتي تعد أقل قدرة على الاستفادة من الفرص التي يوفرها التحول إلى الهيدروجين الأخضر لضعف التمويل والتنمية والإمكانات التكنولوجية المتوفرة لها.
و يقول المستشار الألماني أولاف شولتز في كلمته بالجلسة أن الهيدروجين الأخضر هو أحد العوامل الأساسية في كبرى الدول الصناعية، و أحد التكنولوجيات الأساسية في مجال تحول الطاقة، ولذا نطمح إلى بناء نظام للهيدروجين الأخضر حول العالم، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط وشرق لإفريقيا، كما نعزز كافة الأعمال البحثية والعلمية في هذا المجال لما يوفره من مميزات تتعلق بانخفاض تكلفة الإنتاج، الحكومة الألمانية لديها خطة عمل لخفض تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر ووضع أطر تنظيمية لتنمية قدرات إنتاج الهيدروجين الأخضر مع دول عدّة مثل البرازيل وبلجيكا.
و من جانبها أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن روسيا قطعت حوالي 80% من خطوط الغاز ما يجعل أزمة الطاقة في تزايد، ويجعل من الضروري البحث عن مصادر بديلة للطاقة، مشيرة إلى أهمية العمل المشترك والبحث عن حلول حاسمة وخفض استهلاك الوقود الأحفوري والسير قدما نحو إنتاج طاقة متجددة، كما تحدثت عن خط الاتحاد الأوروبي لتعزيز إنتاج الهيدروجين الأخضر.
ما الهيدروجين الأخضر
يعد الهيدروجين الأخضر الموضوع الأبرز حاليا على ساحة الاقتصاد الأخضر العالمي، فقد أعلنت العديد من الدول حول العالم عن مبادرات للهيدروجين الأخضر مثل استراليا، فرنسا، البرازيل، الهند، وقد انضمت مصر حديثًا لتلك المبادرات، مستهدفة دمجه في استراتيجية الطاقة 2035، وهو ما يجعلنا نطرح تساؤلات عن ماهية الهيدروجين الأخضر كمصدر من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة وما أهميته الاقتصادية.
يعد الهيدروجين مصدرا للطاقة عند احتراق الهيدروجين بالأكسجين داخل خلية الوقود، حيث ينتج طاقة صفرية الكربون، صديقة للبيئة، ويمكن استخلاص الهيدروجين من الوقود الأحفوري والكتلة الحيوية أو المياه، أو مزيج من الإثنين معا. ويعد المصدر الأساسي لإنتاج الهيدروجين في الوقت الحالي هو الغاز الطبيعي، وعلى الصعيد العالمي 6% من الغاز الطبيعي العالمي نحو 75% من إنتاج الهيدروجين السنوي وفقا لوكالة الطاقة الدولية، ويأتي الفحم بعد الغز الطبيعي.
لماذا الهيدروجين؟ لأنه يحتوي على ما يقرب من ثلاث أضعاف الطاقة التي يحتويها الوقود الأحفوري، مما يجعله أكثر كفاءة، كما يمكن اعتباره مضاعف للكهرباء، فمع بعض الماء وقليل من الكهرباء يمكن توليد المزيد من الكهرباء أو الحرارة، كما أنه متاح على نطاق واسع.
كيف ينتج الهيدروجين الأخضر؟ ينتج عند فصل المياه عن طريق تحليل الكهرباء، حيث يستلزم تمرير التيار الكهربائي خلالها، وتنفصل المياه إلى أكسجين وهيدروجين، حيث ينطلق الأكسجين إلى الهواء ويتم استخدام طاقة الهيدروجين.
ولماذا سمي بالهيدروجين الأخضر؟ يطلق عليه الأخضر عندما تكون الكهرباء المستخدمة في عملية الفصل تم إنتاجها من مصادر طاقة متجددة كالرياح أو الطاقة الشمسية، حيث لا تنتج هذه العملية أية انبعاثات كربونية.
بينما عند استخدام الغاز الطبيعي في إنتاج الهيدروجين، يصاحبها إطلاق انبعاثات من ثاني أكسيد الكربون، لذا يطلق على الهيدروجين المنتج بهذه الطريقة”الهيدروجين الرمادي” ويمكن التخلص من تلك الانبعاثات عبر تطبيق تقنية اصطياد واحتجاز الكربون، ويطلق عليه في هذه الحالة اسم “الهيدروجين الأزرق”
و يختلف الهيدروجين الأخضر عن الأزرق في الجودة لأنه يتمتع بدرجة عالية من النقاء ويمكن استخدامه على الفور، مثل الاستخدام كوقود للسيارات، بينما عدّ الهيدروجين الأزرق أقل نقاء وهو ما يكفي للاستخدام الصناعي.
و يعد إنتاج الهيدروجين الأخضر خطوة مهمة لدعم الصناعات الثقيلة والحفاظ على البيئة كما أنه سيمنع انبعاث ما يقرب من 830 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.
عيوب الهيدروجين الأخضر
– برغم من توافره إلا أن عملية فصله مكلفة جدا.
– يعد مادة شديدة الاشتعال ومتطايرة ما يجعله محفوف بالمخاطر
– يصعب تخزينه لأنه غاز أخف من البنزين بكثير مما يصعب نقله وتخزينه، ويحتاج إلى ضغطه كسائل وتخزينه في درجة حرارة منخفضة.
– يصعب نقله بكميات كبيرة، حيث يتم بواسطة صهارج أو أنابيب ويخزن في صورة سائلة، وقد يحدث تسريب للهيدروجين.
الاستراتيجية الوطنية
دكتورة هبة شعراوي خبير شئون البيئة وتغير المناخ، أن مصر قد أعدت الاستراتيجية الوطنية المتكاملة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في 2015. نحن حاليا نعمل عملية تخارج من استخدام الفحم وبالتالي هناك أهمية لإنتاج الهيدروجين الأخضر ليس للاستهلاك المحلي فقط ولكن للتصدير لان لدينا ميزة الموقع الجغرافي القريب من أوروبا، وهي سوق ذو طلب مرتفع للهيدروجين الأخضر الذي يستخدم للتدفئة في المنازل، ومصر ستكون سوق إنتاج عالي، فالدراسات تتوقع أن تستقطب مصر 10% من إجمالي صناعة الهيدروجين في العالم.
و تشير إلى أن المكان الأكثر ملاءمة في مصر لإنتاج الهيدروجين الأخضر المنطقة الاقتصادية بقناة السويس، العين السخنة، أيضا شرق بور سعيد، لدينا بنية تحتية متوفرة، القرب من السوق الأوروبي للتصدير، مع توفر المواني المصرية، الخطة تستهدف استثمارات من 3-4 مليار دولار في مصر كمرحلة أولي في 2024.
ومن جانبه أشار الدكتور أحمد سلطان خبير الطاقة وشئون البترول أن العالم ينتج من 120 إلى 150 طن سنويا من الهيدروجين الأخضر، ومستهدف وصول إنتاج العالم عام 2050 إلى 200 مليون طن سنويا.مشيرا إلى أن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية أثبت أنه لابد من تنويع مصادر الطاقة، ومصر تتمتع بموقع استراتيجي مما يساعدها في تصدير احتياجات أوروبا من الهيدروجين الأخضر.