«إنت عايز تطلع فوق الخزان؟».. يتساءل عامل محطة مياه «مجمع آبار الزراعة» الحكومية بدهشة، بينما يرمقنا بنظرة مستنكرة، ثم يردف: «سلالم سطح خزان المياه أكلتها البرومة (الصدأ) وتسرح فيها»، ويلوّح بيده محذراً: «لو طلعنا ممكن السلم يقع بينا في أى لحظة». هذا السلم الصدئ كان يفترض أن يصعد عليه الفنيون والعمال إلى خزان المياه لإجراء الصيانة الدورية. لكن فزع العامل من فكرة استخدامه تؤشر إلى عدم إجراء مثل هذه الصيانة. وحين وافق عامل آخر على مرافقتنا في رحلة الصعود تجلّت الحال المتردية للخزان، من انتشار الصدأ والطحالب وعدم الالتزام بالمواصفات؛، تتغذّى من مياه النهر والآبار الجوفية. يظهر تحليل عينات من مياه الخزانات في معمل جامعة القاهرة عدم مطابقتها للمواصفات، بما يؤكد شكاوى سكان مركز ومدينة الزقازيق (مليون نسمة)؛ من نوعية المياه. ثبوت تلوث مياه جميع خزانات المحطات الخمس التي تم تخليلها -مختبرياً أو ميدانياً- تؤشر إلى انسحاب هذه الحالة على سائر الثلاثين خزاناً بالمحطات الرئيسية، التي يبلغ عددها 39 في المحافظة. وتم التوصل إلى أن التلوث يرجع إلى عدم تحديد مرجعية واضحة للجهات الرقابية والتفتيشية، وغياب رقابة وزارة الصحة وتقصير شركة مياه الشرب (الحكومية) في تنفيذ أعمال الصيانة الدورية. يضاف إلى ذلك تراخى جهاز تنظيم مياه الشرب والصرف الصحى وحماية المستهلك التابع لوزارة الإسكان، الذي تشكل بقرار جمهورى عام 2004، وبدأ العمل عام 2007 في الإشراف على محطات المياه.
ينحصر دور وزارة الإسكان -ممثلة بجهاز تنظيم مياه الشرب- في إصدار توصيات دون محاسبة الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى أو توجيه إنذارات لها، في غياب قانون ينظم قطاع مياه الشرب ويحدّد مسئوليات كل هيئة مكلفة بإدارة هذا القطاع أو الإشراف عليه.
يفاقم الحال تضاعف الحمل على خزانات المياه التي يفترض أن تخدم قرابة ثمانية ملايين نسمة (سكان محافظة الشرقية)، وتجاوز غالبيتها العمر التصميمى المقدر بـ25 عاماً. ويبرر مسئولو المحطات تقصيرهم في أعمال الصيانة والتنظيف بالضغط المتزايد على الخزانات نتيجة زيادة معدل الاستهلاك. تباعد فترات تنظيف الخزانات يخالف المواصفات القياسية للمياه والكود المصري لصيانة وتشغيل محطات مياه الشرب الحكومية، التي يحددها بـ«سنة أو كلما ظهرت نتائج غير مرضية لمياه الخزان».