تقرير- إبراهيم فايد
وجه ” محمد هندى” رئيس المجلس القومى للعمال والفلاحين رسالة للرئيس السيسى، يطلب من خلالها اتخاذ إجراءات عاجلة لإصلاح خطايا الماضي الأسود فيما يتعلق بملف صناعة وزراعة القطن، الذي تم خسف الأرض به وتحويله من درة تاج الاقتصاد المصري إلى منتج من الدرجة العاشرة، في مقابل إعلاء مصلحة إسرائيل على حساب مصالح مصر القومية، بفرض الخامات الصهيونيو على ما تبقى من مصانع نسيج مصرية ضمن اتفاقية “الكويز”
وفي هذا السياق أصدر “هندى” تقريرًا شاملاً عن قضية القطن المصري ومشاكل الفلاحين، وأكد التقرير الذي أعده المجلس القومى للعمال والفلاحين أن التاريخ يشهد بعدم وجود محصول زراعى احتل هذه المكانة في حياة المصريين كما كان القطن الذي كان الملاذ الآمن لكل أسرة مصرية في ريف مصر.. مرت عليه عصور كثيرة كان فيها ملكًا متوجًا ينتظره الجميع، ثم مرت عليه عصور أخرى تراجع فيها وأصبح نسيًا منسيًّا.
وأوضح في تقريره أن القطن ذهب مصر الأبيض والذى لم يكن مصدرًا للرخاء والاكتفاء في حياة الفلاحين فقط، بل كان يمثل الذهب الأبيض الذي يحتل قائمة الصادرات المصرية للأسواق الخارجية. كان القطن الخام أهم وأغلى صادرات مصر. ومع تطور الحياة والزمن نشأت صناعات عريقة على ضفاف النيل تعتمد على محصول القطن منها صناعة الغزل والنسيج والزيوت والصابون والبويات والورق، وظهر رجل عظيم في فترة الأربعينيات اسمه طلعت حرب استطاع أن يخلق من هذه الصناعات كيانات ضخمة جمعت في ريف مصر بين الإنتاج الزراعى والوحدات الصناعية في منظومة حضارية جديدة دفعت بالمجتمع المصري إلى آفاق أوسع من التطور والإنتاج.
وأضاف “هندى” أن القطن على مر العصور المختلفة كان مصدر الرزق لمصر والمصريين؛ حيث كانت صادرات القطن المصري هى مصدر الرخاء أو التراجع في مسيرة الاقتصاد المصرى، وكانت أسعاره العالمية تحتل الصدارة في اهتمام الدولة المصرية.. كانت قناة السويس.. وصادرات القطن.. والسينما هى أهم مصادر مصر من العملات الأجنبية، وبقيت قناة السويس، وانهارت زراعة القطن وصناعات الغزل والنسيج، وسادت سينما المقاولات.
في يوم من الأيام كانت المساحات المزروعة بالقطن في مصر تزيد على مليون فدان سنويًّا في أقل التقديرات. وإذا علمنا أن هذه المساحة تمثل خمس الأراضى الزراعية في مصر، لأدركنا إلى أى مدى كانت أهمية محصول القطن.
ثورة يوليو واهتمامها بالقطن مقابل صفقات السلاح
مشيرًا أن ثورة يوليو حين قيامها كانت حريصة كل الحرصعلى بقاء مكانة القطن المصرى، خاصة أنه كان يمثل سلعة تصديرية مهمة تعادل البترول والسلاح، واستخدمت ثورة يوليو القطن كورقة رابحة في صفقات السلاح، خاصة مع دول الكتلة الشرقية في زمن الحرب الباردة، وتوسعت مصانع الغزل والنسيج مع مشروعات التنمية الصناعية في مصر في الخمسينيات والستينيات. ومع سياسة التحكم في زراعة القطن والدورات الزراعية حافظ القطن على مكانته في خريطة الزراعة المصرية، ولكن مع سياسة الانفتاح الاقتصادى وتوابعها من الخصخصة إلى بيع القطاع العام منذ بداية السبعينيات بدأت رحلة التراجع في زراعة القطن في مصر.. بدأت هذه الرحلة بسياسة العدوان الوحشى على الأراضى الزراعية من أجل المبانى والعقارات، فقد شهدت مصر في السنوات الماضية أكبر مذبحة للأرض الزراعية الطينية التي أقيمت عليها العقارات والبيوت في كل أرجاء المحروسة، وكانت هذه الأراضى من أجود الأراضى الزراعية، وفي تقديرات كثيرة أن مصر خسرت في السنوات الثلاثين الماضية أكثر من مليون فدان من أجود الأراضى الزراعية تحولت إلى مبانٍ، وكان العدوان على الأرض الزراعية أول عدوان على محصول القطن.