تخيم على الوسط الثقافي حالة من الحزن الشديد، بعد إعلان وفاة الشاعر الشاب أحمد عبد السلام الطحان، حيث أحدث خبر وفاته فاجعة كبرى لدى محبيه من داخل الوسط الثقافي وخارجه، فعمره لم يتجاوز الثالثة والثلاثين بعد، لكنه ترك إرثًا غنيًا من الأشعار العامية التي لامست قلوب محبيه.
إعلان خبر وفاة الشاعر أحمد الطحان على الصفحة الشخصية لشقيقه.أعلن شقيق الشاعر على صفحته الشخصية خبر الوفاة، وسرعان ما انهالت تعليقات التعازي والحزن من جميع المتابعين، ما أظهر أن الطحان كانت له محبة كبيرة في قلب كل من عرفه، يرجع ذلك إلى قربه من متابعيه ومحاولة التواصل معهم بشكل مستمر.
حرص عدد كبير من محبي الشاعر أحمد عبد السلام الطحان على نعيه مؤكدين أن خبر رحيله المفاجئ “حزين وصادم”، وذكر الكثير منهم مواقف إنسانية جمعتهم به، وأكدوا على أن الوسط الثقافي فقد شاعرًا فذًا، وخسرت الإنسانية شخصًا حالمًا ومحبًا للحياة.
فاز “الطحان” بجائزة “الشاعر أحمد فؤاد نجم لشعر العامية” عام 2019 المقدمة من مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، وذلك عن ديوانه الأول “الضريبة 40%”، وأصدر في العام التالي ديوانه “الشكمجية” وعام 2021 أصدر ديوان “مش أنا خالص”، وكانت أخر دواوينه في عام 2022 بعنوان “كروت فكة”.
صورة الشاعر أحمد الطحان مع المهندس نجيب ساويرس لحظة تسلمه جائزة الشاعر أحمد فؤاد نجم لشعر العاميةلم تخلُ أشعار أحمد الطحان من ذكر الموت وتذكره، بداية من قصيدته الأشهر “زينب”، التي يرى البعض أنها السبب في الشهرة الواسعة التي حظى بها، حيث يقول فيها:
https://youtu.be/PZK9JE5AIm0?si=6fN7jaMSyxh1j4q5
عز الطلب موتك
والموت مبيعزش
هز السما صوتك
والعرش متهزش
وفي موضع آخر يقول:
تكافؤ الفرص.. مش معناه إننا نعيش قد بعض
تكافؤ الفرص معناه.. إن كل واحد يموت
وقت ما يكون.. مش قادر يستحمل بجد
ويقول مخاطبا حبيبته:
فين الضريح اللي اتفقنا عليه
أنا مت عشان أبقى أسطورة
مش كنت قولتي هتيجي ترمي جنيه
مش على الفلوس على فكرة.. مستورة!
ويهون على أحبائه قائلا:
ماتزعلوش.. يصعب عليا زعلكو وأنا غايب
أنا سيبت أكتر شيء هيوجعكوا
لكن سيبكو حبايب!
ويرثي نفسه فيقول:
الغياب.. هو الغياب
والذكرى في قلوب الصحاب أبقى
أبقى النهارده معاكم
بكره مش هبقى
والدنيا سابقة بخطوة كل الناس
ويذكر فلسفة الموت من وجهة نظره فيقول:
مين اللي قال حكمة “الموت مبيفرقش”
الموت ده ذوقه جميل
ونقاوته فرازة
مهتم بالتفاصيل
يختار من الجدعان
وينادي أصدقهم
بيجمع الصافيين
اللي الرصاص حاول
والغاز يفرقهم
يارب يا واهب
الجنة لأحبابك
أقبل ولد طيب
واقف على بابك
كان راضي ومسلم
يتسلى بحروفه
حاضن على جرحه
دايس على خوفه
كان أمله يلقالك
أسهل طريق ولقاه
يارب يا جابر
عبدك أهو جالك
تفرحه في قبره
وتكافؤه على صبره
تفرشله من فرشك
وتقربه لعرشك
وتكرمه في مثواه
ويصف “الطحان” رحلته قائلا:
أنا يا سيدي طول الوقت ده.. طالع على سلم كهربا نازل لتحت.
تنبأ الطحان في شعره أن يرثيه شارع الشيخ ريحان “أحد شوارع منطقة وسط البلد” عندما قال: “من بين شوارع مصر.. هيبكي الشيخ ريحان”، لكنه أخطأ؛ حيث نعاه الجميع وبكت على رحيله جميع شوارع مصر.
في الختام، فقدت مصر وفقد الوطن العربي شاعرًا من أهم شعراء الجيل الحالي، وفقدت الإنسانية شخصًا من أنبل الناس، رقيقًا زاهدًا في الحياة، لم يطمع إلا في محبة الناس وأظنه حصل على ما أراد، خالص التعازي والمواساة لأسرته.