كانت الأجواء مفعمه بالترقب والحذر الشديد وسط حضور كامل لمشايخ “سيناء” الذين طوقتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي وقتها داخل خيمه كبيره على “ارض الفيروز” تحوى عدد كبير من جنرالات الجيش الإسرائيلي وكان على راسهم وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها “موشى ديان”، منتظرين إعلان سيناء دوله مستقله، وذلك طبقا للاتفاق الذي عقد مسبقا مع مشايخ سيناء، ويمثلهم شيخ المشايخ “”سالم الهرش”” ولكن الصفعة التي أراد توجيهها إلى الزعيم جمال عبد الناصر ارتدت إليه أمام مرأى ومسمع من العالم كله.
بداية القصة كانت بعد احتلال إسرائيل ل”سيناء” سنة ١٩٦٧ والذي عرف بعام النكسة اتبع موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها أسلوب التدليل مع قبائل سيناء، ممهدا بذلك لتنفيذ مخططه الذي بمقتضاه توافق جميع قبائل سيناء، اتفق ديان مع الشيخ “”سالم الهرش”” شيخ مشايخ سيناء على تمرير ذلك المخطط بعد أن اغرق أهالي سيناء في الخيرات، حتى تهيا له انهم فكرون أفضل من المصريين، ومن جانبه ابدي الهرش ترحيبا بذلك، واقنعه أن الأرض مهياه لقدوم إسرائيل تماما، فاعطي الضوء الأخضر لوزير الدفاع الإسرائيلي الذي بدا بالأعداد لمؤتمر الحسنة وفيه عزم على إعلان سيناء دوله مستقله تحت السيادة الإسرائيلية بمواقفه أهالي سيناء.
أحضر ديان اشهر مخرج إيطالي لنقل فعاليات المؤتمر على الهواء مباشرة ، كما استضاف مجموعه من رجال الأمم المتحدة ولم يتبقى سوى عقد المؤتمر على السيناريو المطلوب وفي يوم ٣١ أكتوبر من سنة ١٩٦٨ امتلأت احدي الخيام المصريين وأبناء قبائل سيناء ورجال الجيش الإسرائيلي بحضور موشى ديان الذي ترقب اللحظة الحاسمة التي سيلقى فيها شيخ مشايخ سيناء كلمته.
تقدم الهرش إلى المنصة وبدأ حديثه عن سيناء وتاريخها ثم توجه بكلامه إلى وزير الدفاع الإسرائيلي قائلا “انتم تريدون سيناء دوله وهذا يعني أنكم ستضعون صورتي على الجنيه السيناوي إذا وافقت على ذلك صحيح”، فأومأ ديان برأسه اى يوافقه وهنا انطلقت القنبلة مدويه من فم البطل سالم الهرش قائلا “أؤكد لكم أن سيناء مصريه وستظل مصرية ولا يملك الحديث فيها الا الزعيم “جمال عبد الناصر” فنزلت تلك الجملة كالصاعقة على راس الوزير الإسرائيلي الذي غادر المكان غاضبا.
ما فعله الهرش حتما كان سيقوده إلى المشنقة وفيما حدث كان بالتنسيق مع المخابرات المصرية فوجئ الهرش ذات يوم وهو في خيمته بدخول مجموعه من الضباط يطلبون دخولهم للمجتمع القبلي ليكونوا قريبين من المعسكرات الإسرائيلية فدربهم على اللهجه البدويه والبسهم الزى البدوي وبذلك زرعهم في وسط المجتمع القبلى، وخرج الهرش من المؤتمر كانت تنتظره سياره تابعه المخابرات اصطحبته إلى خليج العقبه وتم تكريمهم من الرئيس جمال عبدالناصر ومنحه نوط الامتياز من الدرجه الاولى.