تأثيرات التغيرات المناخية على البيئة البحرية كبيرة وكارثية، ومن أكثر الكائنات البحرية المهددة بالانقراض السلاحف البحرية الخضراء، السلحفاة “هناء”، حكايتها نموذجا لقصص النجاح في الحفاظ على التنوع البيولوجي ومثالا رائعا لأهمية وعي المواطن ودوره في المشاركة في الحفاظ على البيئة، القصة بتفاصيلها كانت ضمن إحدى فاعليات قمة المناخ 27 بشرم الشيخ، بالمنطقة الزرقاء في يوم التنوع البيولوجيي.
حكاية “السلحفاة هناء” ترويها لنا سارة عبد الله الباحثة بجهاز شئون البيئة بمحافظة السويس، تقول إن تسمية السلحفاة “هناء” هو نسبة إلى الطفلة هناء من محافظة السويس التي عثرت في يوم ما، عند أحد محلات الحيوانات الأليفة على سلحفاة كبيرة، لفت نظرها حجم السلحفاة الضخم، شعرت أنها نوع نادر، فنصحت صاحب المحل أن يعيدها إلى البحر حتى تتمكن من العودة إلى بيئتها الطبيعية، رفض البائع وطلب منها مبلغ مالي(2000جنيه) إذا كانت تريد السلحفاة، البنت لم يكن لديها المبلغ، ولكنها توجهت إلى أفراد أسرتها وقررت أن تجمع المبلغ منهم، وفعلًا حصلت هناء على السلحفاة من البائع ولكنها لم تكن تعرف أين تذهب بها نظرا لضخامة حجمها.
أضافت سارة أن هناء قررت أن تتواصل مع محمود صاحب محل”نجم للبحريات” عبر قنوات التواصل الاجتماعي، فقد شارك في إطلاق عدد من السلاحف البحرية وإعادتها للطبيعة بالتعاون مع الإدارة المركزية لجهاز شئون البيئة بالسويس، بالتواصل مع انتصار حجازي، مسئول الإعلام والتوعية والتدريب بالجهاز، ومسئول منصة مبادرة بلدنا تستضيف قمة المناخ بالسويس.
في اليوم التالي توجهت لجنة برئاسة دكتورة إنعام مجاهد رئيس الإدارة المركزية للجهاز بالسويس وبالتعاون مع الدكتور حسين رشاد مدير محمية اشتوم الجميل ببور سعيد، بمعاينة السلحفاة وتبين أنها نوع نادر من السلاحف اسمه السلاحف الخضراء وهي تعاني خراج كبير يؤثر على العمليات الحيوية للسلحفاة، وفي حاجة إلى جراحة عاجلة، تقرر نقلها إلى محمية أشتوم الجميل، في سيارة نصف نقل، نظر لعدم وجود سيارة مجهزة.
كانت الرحلة شاقة على السلحفاة، المسافة ثلاث ساعات بين السويس وبورسعيد، كنا نرش السلحفاة بالمياه بين الحين والآخر لنحدث لها انتعاشه، حتى أجرى لها العملية الأستاذ الدكتور إيهاب هلال بمعهد بحوث صحة الحيوان ببور سعيد.
و تشير سارة أنه تم وضع السلحفاة ثلاثة أيام تحت الملاحظة بعد إزالة الورم، وإعطائها الكود المصري EGY058، أطلق عليها اسم هناء نسبة غلى الفتاة التي أنقذتها، وأطلقت السلحفاة هناء إلى بيئتها الطبيعية على شواطئ بور سعيد.
أماني جابر باحثة بجهاز شئون البيئة بالسويس تقول أنه من المتوقع مع ارتفاع معدلات درجات الحرارة أن تفقد السلاحف قدرتها على التأقلم الطبيعي، وبحلول عام 2120 متوقع أن تتعرض للانقراض، بفعل تأثير التغيرات المناخية، مثل العواصف والتيارات البحرية الجامحة، التلوث بالمواد البترولية، فضلا عن اختلال البيئة البحرية بسبب صيد الزريعة، ظاهرة الجيلي فش لتي تهدد الكائنات البحرية بسبب تلوث المياه بالأكياس البلاستيكية.
و تطالب لإنشاء مركز لرصد وحماية الكائنات البحرية المهددة بالانقراض وتوفير أماكن لحماية السلاحف البحرية لوضع البيض، الحد من الانبعاثات وتغليظ عقوبة صيد الكائنات المهددة بالانقراض بالقانون المصري، فضلا عن حظر استخدام الأكياس البلاستيكية وونشر الوعي البيئي بالتغيرات المناخية وخطورتها على التنوع البيولوجي.