الإهمال وصراع الهيئات الحكومية يطيح بمشروع الدقهلية التنموي.. والثروة السمكية تتجاهل واضعي اليد
مشروعٌ تنمويٌ تطلب ثمانية أعوام من العمل الدؤوب والانتاج المثمر وساعات بل أيام وليالٍ وأسابيع وشهور من التعب والشقاء والدراسات والرؤى والمقترحات والخطط والاستراتيجيات والاستشارات والدراسات الممتزجة بمشاعر الأمل والطموح والتمني، وبعد كل ذلك كانت الطامة الكبرى التي نزلت كالصاعقة على قلوب كل من ساهم وشارك بفكرة أو رأي أو حتى أمنية لإنجاز هذا المشروع والنهوض ببلده..
إنه مشروع رسم هندسى بدأته الدولة في العام (2005) متمثلة في الهيئة العامة للتخطيط العمرانى لرسم توسعات جديدة لمدن الجمهورية التي ليس لها ظهير صحراوى تتوسع فيه من الاختناق السكانى والعشوائيات التي أصبحت تسيطر على معظم محافظات الجمهورية، وهنا كانت الكارثة حينما لجأت الهيئة لوضع مخططات تهدف لإنشاء توسعات جديدة بمحافظة الدقهلية، وبالفعل كلفت فريقًا من أكفأ مهندسي الدولة ووفرت لهم كافة التكاليف والإمكانيات الهندسية ووسائل المسح الجوى وكل ما يساعدهم ليضعوا مخططًا هندسيًا لتوسعات بشمال شرق الدقهلية وتحديدا شبه جزيرة المطرية – دقهلية وهى مدينة ساحلية تطل على بحيرة المنزلة وبعد حوإلى سنتين (أى في عام 2007 م) استطاعوا وضع رسمٍ استراتيجيٍ يحدد توسعات المدينة من جميع الاتجاهات واستغلال مناطق المياه الضحلة ببحيرة المنزلة والتي هى غير صالحة للصيد، ثم بدأت المرحلة الأكثر أهمية وتعبًا وشقاءً حيث عكف فريق من المهندسين على رسم مخطط تفصيلى مقترح للمدينة بعد استغلال المساحات المحددة واستغرق ذلك حوإلى ستة أعوام (من 2007 إلى2013 م) لإنجاز المخطط الهندسي والحصول على الموافقات والاعتمادات ومرت بصف طويل في طوابير المشروعات العامة المقترحة بالدولة إلى أن أخذ المشروع أختامه وموافقاته واعتماداته وامضاءاته وكل هذه الروتينيات التي تصنع من أى مشروع إصلاحي حيوي نشط – كهلًا فاترًا كسولاً فاشلًا من قبل حتى البدء فيه.
وكما ذكر مدير إدارة الأملاك بمجلس مدينة المطرية أ/ محسن عبد المقصود أن هذا الرسم التفصيلى يوضح بكل دقة المساحات التي كان من المفترض أن تنطلق منها الدولة لإنشاء مدارس ومستشفى وعمارات سكنية للشباب وميناء ضخم لمراكب الصيد التي تنتشر بكثافة على شواطئ وأطراف البحيرة بل في شوارع المدينة بشكل غير حضارى، كما يضم المخطط التفصيلي للمشروع كذلك إنشاء شاطئ مرتفع ومسوّر كى يحدد مساحة البحيرة ويكون المدى النهائي للتقدم المعمارى بالمدينة؛ وبذلك يمنع التعديات على البحيرة أو تجفيف وردم أراضيها بالإضافة لنادي وسوق تجاري ضخم وشامل لكافة البضائع والسلع ومشروعات ضخمة لتشغيل الشباب وغير ذلك من المشروعات التي تدر دخل للدولة وتقلص من مشكلة البطالة والسكن.
وقد استطاعت “نجوم مصرية” أن تحصل على صور للخرائط الاستراتيجية الأولية والتفصيلية للمشروع، وكذلك صور لقرار من السيد الدكتور المهندس / مصطفي كمال مدبولى رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتخطيط العمرانى بشأن طلب اعتماد المخطط الاستراتيجى العام لمدينة المطرية – محافظة الدقهلية طبقًا لأحكام قانون البناء الصادر بقانون رقم 1109 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية ومادة 2 من القرار تنصف على نشر هذه القرار في الوقائع المصرية وبدء العمل به من تاريخ نشره، كما حصلنا أيضًا على صورة من القرار الوزارى رقم 400 لسنة 2010 الذي ينصف على موافقة وزارة الإسكان والمرافق والتنمية العمرانية وموافقة هيئة العمليات بوزارة الدفاع رقم (1375/2009) على المخطط الاستراتيجي العام لمدينة المطرية – دقهلية، وموافقة اللجنة الدائمة لاعتماد الأحوزة العمرانية على الحيز العمرانى لمدينة المطرية محافظة الدقهلية بجلستها بتاريخ 21/3/2009 م ، وكذلك موافقة المجلس الشعبى المحلى لمحافظة الدقهلية بجلسته المنعقدة في 3/10/2010 / م على المخطط الاستراتيجي العام لمدينة المطرية – محافظة الدقهلية.
وبالفعل تم إقرار المشروع من رئاسة الجمهورية في عهد الرئيس محمد مرسى ونشر قرار الهيئة العامة للتخطيط العمرانى بالبدء في تنفيذ هذا المشروع في الجريدة الرسمية والوقائع المصرية، وبعد ثمانِ سنوات من العمل الدؤوب الشاق والحصول على كل هذه الموافقات والقرارات والاعتمادات من رئاسة الجمهورية ووزارة الاسكان والهيئة العامة للتخطيط العمراني ووزارة الدفاع والمجلس الشعبى المحلي، أعطت محافظة الدقهلية وتحديدًا مجلس مدينة المطرية الضوء الأخضر للبدء في مشروع ضمن هذه المساحات التي حددتها الدولة له ليتوسع فيها، إذ به يفاجأ باعتراضات من الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية بأن هذه المساحات من بحيرة المنزلة بالإضافة لمسافة مائتى متر من اليابس المطل على البحيرة ملك لها وتحت إشرافها فقط ولا يجوز لأي جهة كانت التصرف فيها؛ وبالتإلى نشبت نزاعات وأزمات بين الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية وبين وزارة التنمية المحلية فاضطرت الثروة السمكية اللجوء لمجلس الدولة -وهو الجهة المختصة للفصل في النزاعات القائمة بين جهتين حكوميتين- وبالفعل حصلت على حكم قضائي بأن الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية هي الجهة الوحيدة المنوطة بالتصرف في هذه المساحات ولها الولاية على الأراضى محل النزاع ! وحصلت “نجوم مصرية” أيضاً على صورة من هذا القرار.
مع العلم أن مسافة المائتى متر المزمع تبعيتها للهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية يقع ضمنها مجلس المدينة (الخصم) وقسم الشرطة وقصر الثقافة والمستشفى العام وعدة مدارس وآلاف المنازل والمحلات التجارية منذ عشرات السنين، وبالتإلى فإن قرار مجلس الدولة يتنافي مع الواقع تمامًا ولكن تقرر أن يبقى الوضع على ما هو عليه احترامًا لأحكام القضاء، وبالتإلى ضاع مجهود مهندسي هيئة التخطيط العمراني لثمانية أعوام كاملة وتكاليف هذا المشروع ومسوحات جوية وسفريات وانتقالات مسئولى إدارة الأملاك والمساحة وو.. إلخ.
وجدير بالذكر أن المساحات التي حددها المشروع سلفًا للتوسعات ورفضت هيئة الثروة السمكية أن تتصرف فيها أى جهة، تعرضت حاليًا (في الخمس سنوات الأخيرة) للتعدى عليها بكثافة من قِبَلِ البلطجية وواضعي اليد الذين ردموا أراضى البحيرة وأصبحت منازل ومحال تجارية وشوادر أسماك، وتقلصت مساحة البحيرة على مدار سنوات عديدة من 750 ألف فدان إلى أقل من 90 ألف فدان حاليًا معظمها أيضًا مزارع سمكية بمناطق تم التعدي عليها في محميات طبيعية ممنوع فيها الصيد بالبحيرة وأراضى ومخابئ ومكامن وأوكار للعصابات بعد أن كانت أكبر بحيرة طبيعية في مصر !
فَلِمَ لم تنتفض هيئة الثروة السمكية للحفاظ على أملاكها من البلطجية وواضعي اليد على أملاك الدولة؟!
أليست خزينة الدولة المصرية وومواطني الدقهلية أَوْلى بالمشروعات المقامة والدخل الوارد إليها من البلطجية وواضعي اليد؟
أليس استخدام المساحات الشاسعة بالمحافظة أفضل كثيرًا من إهمالها أرضًا فضاءً عرضةً للنهب والتعدي بحجة الحفاظ على الثروة؟
فَلِمَ تتجه الدولة إذًا لغزو الصحراء الجرداء التي يرفض المصريون الذهاب إليها ولدينا بالفعل هنا أراض شاسعة صالحة لكافة المشروعات؟
وفي صالح مَن تتوقف مثل هذه المشروعات التي هى لَبِنة أساسية لحل العديد من المشكلات (البطالة ــ السكن ــ تكدس المدن – العشوائيات ــ التعدى على الأراضى الزراعية.. إلخ)؟!
تساؤلات عديدة غامضة واستغاثات كثيرة ونداءات من شعب الدقهلية بل من كل مصري حُر لرئاسة الجمهورية والمسئولين المعنيين لتنفيذ هذه المشروعات التي هي سبيل هام ومضمون جداً للخروج من أزمات كثيرة تعج بها مصر.