كأي طفلة صغيرة كانت تحب ترديد ما تسمعه من أغنيات، وكان الأمر عاديا حتى استمع والدها صوتها، فانبهر به، ما دفعه لأن يلحقها للدراسة بمعهد “الكونسرفتوار”، إنها الفنانة عفاف راضي.
ولدت عفاف راضي في مدينة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية في يوم 13 ديسمبر من عام 1952، أي أنها تبلغ من العمر 65 عاما، واسمها عفاف عبد الحليم راضي.
لم تكن الفتاة استثناءً في عائلتها، فهي تنحدر من أسرة فنية، عمها هو المخرج الراحل السيد راضي، وشقيقها مخرج سينمائي يدعى ماهر راضي.
حين كانت طفلة استدعى والدها رواد المقهى إلى منزله، ليعرفهم عى ابنته الموهوبة ويحكموا عليها، ومن وقتها أصبح منزله مسرحا فنيا يزينه صوت عفاف.
أرسلها والدها لتعيش مع عمها، حين كان عمرها 8 سنوات فقط، في محافظة القاهرة، حين علم بوجود معهد “الكونسرفتوار”، حتى تصقل موهبتها الفنية، ولكن نظرا لصغر سنها لم تستطع دخول قسم الغناء، فتعلمت العزف على آلة البيانو، وبعد أن وصلت إلى المرحلة الثانوية دخلت قسم الغناء.
كان والدها حريصا على دعم موهبة ابنته، والوقوف بجانبها في مشوارها الفني، فاشترى منزلا في القاهرة، وانتقلت الأسرة بأكملها للعيش هناك.
أول حفلة أحيتها عفاف راضي كانت على مسرح دار الأوبرا القديم – في ميدان الأوبرا – وذلك قبل أن يحترق، وكانت متخصصة في الغناء الأوبرالي.
اقتحمت عفاف الإذاعة المصرية وشاركت في برنامجي الأطفال “أبلة فضيلة”، و”ماما سميحة”.
تخرجت من معهد الكونسرفتوار حين كان عمرها 18 عاما، بتقدير امتياز، ولم تكتفِ بذلك، فحصلت على درجتي الماجيستير والدكتوراة من أكاديمية الفنون.
في “الكونسرفتوار” كان لها لقاءً كان سيغير مجرى حياتها، حين التقت الأخوين رحباني، وشكت لعاصي أنها تريد أن تغني شيءا غير الغناء الأوبرالي، الذي لا تستطيع أن تؤدي غيره بسبب قوانين المعهد، فطلب أن تذهب إلى أحد فنادق القاهرة حيث مقر إقامته، وحين سمع صوتها اعجبه، لكن طلب منها أن تسافر إلى لبنان كي تنضم إلى فرقته، وهو الأمر الذي رفضته.
تبناها الملحن بليغ حمدي، بعد أن استمع إلى صوتها في الاستوديو الخاص به، وكان أول ظهور لها بعد ذلك في حفل الفنان عبد الحليم حافظ في محافظة الإسكندرية، حيث أدت أغنية “ردوا السلام”، وبعدها بدأت شهرتها، إذ بثت الإذاعة المصرية الأغنية في اليوم التالي للحفل.
قدم لها بليغ 60 لحنا منها: “جرحتني عيونه السودا، مصر لكل المصريين، قضينا الليالي، “عشاق الليل، هوا يا هوا.. وغيرها”.
لم تتوقف تعاملاتها الفنية على التعاون مع بليغ، إذ تعاونت مع الملحن كمال الطويل الذي قدم لها لحن “مصر هي أمي”، بعد إعادة تلحينها بعد أن أداها الفنان فؤاد المهندس في فيلم “فيفا زلاطا”، هذا إلى جانب عدد من الأغنيات الوطنية.
لم تكن موهبتها الغناء فقط، لكنها امتدت إلى التمثيل، حيث شاركت في مسرحية “ياسين ولدي”، فيلم “مولد يا دنيا”، ومسلسل “زمن الحلم الضائع”.
أحب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر صوتها فكان يوصي أن تُذاع أغانيها بالاذاعة المصرية ووصف صوتها بأنه “يحمل مشروع كبير”.