مشاريع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء| محاولات إسرائيلية فاشلة… ولماذا تريد غزة تحديدًا

منذ احتلالها لقطاع غزة في عام 1967، طرحت إسرائيل العديد من المشاريع لتهجير الفلسطينيين من القطاع إلى خارج فلسطين نهائيًا، ولعل أبرز هذه المشاريع هو مشروع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، والذي تم طرحه لأول مرة في عام 1968، وعاد ليظهر إلى السطح بقوة هذه الأيام مع اندلاع “طوفان الأقصى”، يجدر بالذكر أن الإسرائيليين لا يريدون فقط تفريغ قطاع غزة من سكانه الأصليين، وإنما تفريغ فلسطين كلها حتى لا تمثل خطرًا على الدولة الصهيونية وترجع جذور هذا الأمر إلى الفترة ما بعد النكبة عام  1948 عندما قال رئيس وزراء الكيان الصهيوني إسرائيل ديفيد بن غوريون “العرب يجب ألا يظلوا هنا، وسأبذل قصارى جهدي لجعل العرب في دولة عربية”.

يعتمد مشروع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء على فكرة تبادل الأراضي بين مصر وإسرائيل وفلسطين، حيث ستمنح مصر أراضي في سيناء للدولة الفلسطينية، في مقابل الحصول على أراضٍ في صحراء النقب جنوب إسرائيل.

صورة 1
مصدر الصورة TRT بالعربي

مشاريع تهجير فاشلة

سعت إسرائيل منذ عام 1968 إلى إفراغ قطاع غزة من الفلسطينيين وتهجيرهم إلى سيناء بكل ما أوتيت من قوة سواء من خلال مشاريع معلنة للمجتمع الدولي أو خفية سرية تحمل في ظاهرها الدعم المنافق، ومن أبرز مشاريع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء والتي باءت بالفشل ما يلي:

  • مشروع 1968

في عام 1968، قدمت مؤسسات إسرائيلية مختلفة مقترحات لنقل الفلسطينيين القاطنين في قطاع غزة خارج تلك المنطقة، تضمنت هذه المقترحات محاولة تشجيع الفلسطينيين على الانتقال والعيش في مناطق مختلفة، بدءًا من الضفة الغربية وصولاً إلى الأردن وبلدان أخرى في العالم العربي، تم تنفيذ بعض هذه المبادرات بشكل غير مباشر وبدون ظهور واضح للدور الإسرائيلي فيها، ومع ذلك لم تحقق تلك المحاولات نجاحاً كبيراً نظرًا لمعارضة الفلسطينيين في قطاع غزة للانتقال إلى الضفة الغربية، التي كانت تخضع للاحتلال الإسرائيلي في ذلك الوقت.

  • خطة الكونجرس الأمريكي لتهجير الفلسطينيين

كما حاول الكونجرس الأمريكي أيضًا في العام 1968 تطبيق خطة لنقل طوعي لنحو 200 ألف فلسطيني من غزة إلى دول أخرى مثل ألمانيا الغربية، والأرجنتين، وباراغواي، ونيوزيلندا، والبرازيل، وأستراليا، وكندا، والولايات المتحدة، وأيضًا فشل هذا المقترح بسبب معارضة العديد من تلك الدول لاستضافة الفلسطينيين على أراضيها.

  • مشروع 1970

في عام 1970حاول أرئيل شارون رئيس الوزراء الإسرائيلي وضع خطة لتفريغ قطاع غزة من سكانه، تضمنت منح تصاريح للفلسطينيين الذين أرادوا المغادرة من غزة بهدف الدراسة والعمل في مصر، وتقديم حوافز مالية لتشجيعهم على الانتقال، وكان الهدف الرئيسي لهذه الخطة تحقيق تغيير في التوزيع السكاني في غزة بهدف تقليل الازدحام السكاني والعمل على إضعاف الحركات المقاومة في ذلك الوقت، حيث كان عدد سكان غزة يتجاوز حوالي 400،000 نسمة في ذلك الوقت، ونُقل مئات العائلات الفلسطينية في حافلات عسكرية وألقاهم في مناطق مثل سيناء التي كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وعلى الرغم من محاولة موشيه ديان وزير الخارجية الإسرائيلي في ذلك الوقت الترويج لمشروع ” الجسور المفتوحة” بين الفلسطينيين ومصر والأردن، إلا أن المشروع باء بالفشل إذ اقتصر على سفر الفلسطينيين إلى مصر للدراسة والعودة مرة أخرى، أو الذهاب إلى دول الخليج للعمل، والعودة لفلسطين مرة ثانية.

  • مشروع “البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين” عام 2000

قدم اللواء غيورا أيلاند الذي كان يرأس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي عام 2000 مشروعًا يُعرف باسم “البدائل الإقليمية لفكرة دولتين لشعبين”، يتضمن المشروع تخصيص أراضٍ في سيناء للدولة الفلسطينية، وتحديداً منطقة العريش الساحلية.

بناءً على تفاصيل المشروع، يقترح أن تُقدم مصر تنازلًا جغرافيًا بمساحة تبلغ 720 كيلومتراً مربعاً من أراضي شبه جزيرة سيناء لصالح الدولة الفلسطينية المقترحة، هذه الأراضي تشكل مستطيلًا يبلغ طول ضلعه الأول 24 كيلومترًا، يمتد على طول الساحل من مدينة رفح إلى الحدود مع مدينة العريش في سيناء، أما الضلع الثاني فيبلغ طوله 30 كيلومترًا، ويمتد غربيًا بالتوازي مع الحدود الإسرائيلية المصرية.

هذه المنطقة المقترحة تمثل ضعف مساحة غزة، وحوالي 12% من مساحة الضفة الغربية، في المقابل يتخلى الفلسطينيون عن نفس المساحة في سيناء والتي تصبح جزءًا من السيادة الإسرائيلية.

بالإضافة إلى ذلك، تتفق مصر على تبادل للأراضي مع إسرائيل في منطقة جنوب غرب النقب المعروفة بمنطقة وادي فيران بنفس المساحة،مع منحها امتيازات اقتصادية وأمنية ودعماً دولياً.

ومع ذلك، فشل هذا المشروع سبب توقيت صدوره، حيث جاء بعد تعثر مفاوضات كامب ديفيد بين ياسر عرفات وإيهود باراك، وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى، الأمر الذي أدى إلى إغلاق صفحة المفاوضات الثنائية لعدة سنوات.

  • مشروع إقامة وطن بديل للفلسطينيين في سيناء

قدم يوشع بن آريه الرئيس السابق للجامعة العبرية عام 2004 مشروعاً مفصلاً لإقامة وطن بديل للفلسطينيين في سيناء، استناداً إلى مبدأ تبادل الأراضي بين مصر وإسرائيل وفلسطين، وهو تقريبًا نفس جوهر مشروع غيورا أيلاند مع اختلاف في المسميات وإضافة مغريات أخرى مثل إنشاء ميناء بحري عميق وخط سكك حديد دولي بعيد عن إسرائيل، ومدينة كبيرة تضمن السكان، وبنية تحتية قوية، ومحطة لتوليد الكهرباء، ومشروع لتحلية المياه، والسماح لمصر بإنشاء شبكة طرق سريعة وسكك حديدية وأنابيب لنقل النفط والغاز الطبيعي في المناطق التي ستحصل عليها، وفشل هذا المشروع أيضًا بسبب توقيته الخاطئ حيث تم الإعلان عنه في وقت فوز حماس في الانتخابات التشريعية والسيطرة على غزة وانسحاب الجيش المحتل منها.

https://www.youtube.com/live/4W3iGYanKK0?feature=shared&cbrd=1&ucbcb=1

  • مشروع صفقة القرن

وآخر المشاريع الصهيونية لتهجير الفلسطينيين من أرضهم مشروع صفقة القرن الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 2020، حيث يتضمن المشروع تنازل مصر عن أراضٍ في سيناء لإقامة دولة فلسطينية فيها، ووصفه وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف الأسبق بأنه “كابوس للمنطقة والعالم”، وفشل تنفيذها بعد تأييد المجتمع الدولي لها بسبب فشل ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية.

لماذا تريد إسرائيل نقل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء

تقف غزة كالشوكة في حلق المستعمر الصهيوني لأنها تهدد العديد من أهدافه الطامعة على جميع المستويات الاقتصادية والعسكرية والأمنية، وهذه بعض الأهداف التي تسعى إسرائيل تحقيقها من نقل الفلسطينيين من غزة إلى سيناء وفقًا لما تداولته بعض الصحف الإعلامية والسياسيين:

  • إنشاء قناة بديلة لقناة السويس وهي قناة بن غوريون حيث تمتد من إيلات على البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، ويقع قطاع غزة عقبة في طريقها، كما يخطط الكيان الصهيوني لبناء مدن وأماكن ترفيهية على جانبي القناة.
صورة 2
شرح مسار قناة بن غوريون على الخريطة – مصدر الصورة: موقع تيقن

 

  • هناك كمية لا يستهان بها من الغاز في غزة لا تستطيع إسرائيل الحصول عليها.
  • تفكيك المقاومة الفلسطينية في غزة، والتي تشكل تهديداً لأمن إسرائيل.
  • تقويض أي حل سلمي للقضية الفلسطينية قائم على إقامة دولتين.
  • تقوية العمق الاستراتيجي للكيان المحتل، عن طريق افتعال المشكلات من أجل حلم الوصول إلى سيناء مرة أخرى.
  • إعادة الحلم الصهيوني بإقامة دولة من النيل إلى الفرات.

رفضت الفصائل الفلسطينية مشروع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، باعتباره انتهاكاً لحق العودة الفلسطيني، ومساساً بسيادة مصر على أراضيها.

ويعتبر مشروع تهجير الفلسطينيين إلى سيناء مشروعاً غير واقعي ولن يتم تطبيقه _بإذن الله_ لأسباب منها:

  • الرفض الفلسطيني القاطع للمشروع.
  • صعوبة تنفيذه، حيث يتطلب موافقة مصر على التنازل عن أراضٍ في سيناء.
  • عدم وجود ضمانات أمنية للفلسطينيين في سيناء، حيث ستظل إسرائيل القوة المهيمنة في المنطقة، كما أنه لا يؤمن غدر الصهاينة أبدًا.

والآن تستغل إسرائيل ما حدث معها في عملية طوفان الأقصى وتحاول إجبار المواطنين في غزة بكل الطرق الوحشية إلى التهجير قصرًا إلى سيناء وهذا ما أعلنه كثير من السياسيين الإسرائيليين بشكل علني بحجة حمايتهم من القصف مع وعد كاذب بعودتهم مرة أخرى بعد الانتهاء من الحرب، فنأمل أن يستيقظ العرب سريعًا قبل أن نردد “أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض”.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.