بعد أكثر من شهر على الحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة، دخلت أول شاحنة وقود إلى القطاع يوم الاثنين 15 نوفمبر 2023، وفقا لما أكد مسؤول في معبر رفح الحدودي، وسيساعد هذا الوقود في تشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، التي توقفت عن العمل بسبب نقص الوقود. كما دخلت 17 شاحنة مساعدات إنسانية إلى القطاع، وهي ثاني قافلة مساعدات تصل إلى غزة منذ بدء الحرب بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي.
الوضع الإنساني في غزة
ويأتي دخول الوقود والمساعدات إلى غزة بعد تحذيرات من الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من تدهور الوضع الإنساني في القطاع، الذي يعاني من نقص حاد في المياه والغذاء والأدوية والوقود، وقد أدى الحصار إلى انقطاع التيار الكهربائي عن معظم المنازل والمؤسسات في غزة، مما تسبب في تعطيل الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والاتصالات، وقد أبدى السكان الفلسطينيون استياءهم من الحصار والحرب، وطالبوا بإنهاء العنف ورفع الحصار.
السياق التاريخي والسياسي للحرب والحصار
تعود أسباب الحرب والحصار إلى التوترات السياسية والأمنية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، خاصة حركة الجهاد الإسلامي، التي تعتبر منظمة إرهابية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وقد اندلعت الحرب في 7 أكتوبر 2023، بعد أن شنت إسرائيل ضربات جوية على مواقع للحركة في غزة، ردًا على تهديدات من الحركة بعد اعتقال إسرائيل لمسؤول بارز فيها في الضفة الغربية، وقد تبادلت الطرفان إطلاق الصواريخ والقذائف على مدى ثلاثة أيام، مما أسفر عن مقتل العديد من الفلسطينيين وإصابة أكثر من 300 آخرين في غزة، وإصابة عشرات الإسرائيليين بجروح، وقد توسطت مصر في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين، الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أغسطس 2023.
- الحصار الإسرائيلي على غزة هو سياسة تقييد الحركة والتجارة والموارد على قطاع غزة، التي بدأت في عام 2007، بعد أن سيطرت حركة حماس على القطاع بعد انتخابات تشريعية فازت فيها عام 2006. وقد شددت إسرائيل الحصار بعد الحروب المتتالية مع الفصائل الفلسطينية في غزة، آخرها حرب 2023، وقد انضمت مصر إلى الحصار في عام 2013، بعد الانقلاب العسكري على الرئيس المصري السابق محمد مرسي، الذي كان ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي ترتبط بحركة حماس، وقد أدى الحصار إلى تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في غزة، وزيادة الفقر والبطالة والتلوث والأمراض.
- الحرب بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي هي الحرب الأخيرة في سلسلة من الحروب والنزاعات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، التي بدأت في عام 2008، واستمرت في عامي 2012 و2014 و2018 و2020 و2023. وتعتبر حركة الجهاد الإسلامي ثاني أكبر فصيل مسلح في غزة بعد حركة حماس، وهي تسعى إلى تحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة إسلامية، وتتميز حركة الجهاد الإسلامي بتبنيها للمقاومة المسلحة ضد إسرائيل، ورفضها للتفاوض أو الاعتراف بإسرائيل، وتمتلك الحركة ترسانة من الصواريخ والقذائف، التي تستخدمها لاستهداف المدن والمستوطنات الإسرائيلية، وتعتبر إسرائيل حركة الجهاد الإسلامي منظمة إرهابية، وتحاول القضاء على قيادتها ومواقعها في غزة والضفة الغربية والخارج.
الوضع الراهن والمستقبلي للأزمة
ويعتبر دخول الوقود والمساعدات إلى غزة خطوة إيجابية لتخفيف المعاناة الإنسانية للسكان، لكنها لا تكفي لحل الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعصف بالقطاع، فغزة ما زالت تحت الحصار الإسرائيلي منذ عام 2007، وتعاني من فقر وبطالة وعزلة عن العالم الخارجي، ولا يزال هناك خطر من تجدد العنف بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي شامل وعادل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ولذلك، يحتاج غزة إلى جهود دولية متضافرة لإنهاء الحصار ودعم السلام والتنمية في القطاع.
تحليل الوضع الراهن والمستقبلي باستخدام بعض البيانات والإحصاءات لتوضيح حجم المشاكل التي تواجه غزة، والتحديات التي تعترض حلها، مثلا، يمكننا ذكر أن عدد سكان غزة يبلغ حوالي 2.1 مليون نسمة، منهم 1.4 مليون لاجئ فلسطيني، وأن معدل الفقر في غزة يصل إلى 53%، ومعدل البطالة إلى 49%، وأن متوسط مدة التيار الكهربائي في غزة هو 4 ساعات يوميا، وأن 97% من المياه غير صالحة للشرب، وأن غزة تحتاج إلى 2.8 مليار دولار لإعادة الإعمار بعد الحروب المتتالية، وأن الحل السياسي للصراع يتطلب توافق بين الفصائل الفلسطينية، ومفاوضات مباشرة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، ودعم دولي وعربي وإسلامي.
نحن نشعر بالأسى والغضب لما يتعرض له أهل غزة من معاناة وظلم وقهر، وندين الحصار الإسرائيلي والحرب على غزة، ونطالب بوقفهما فورًا، نحن نؤيد حق الشعب الفلسطيني في الحرية والعيش الكريم والسيادة على أرضه، وندعو المجتمع الدولي والعربي والإسلامي إلى التدخل لحماية غزة وإغاثتها وإعمارها، ونأمل في أن ينتهي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بالسلام والعدل والمصالحة.