سوريات هربن إلى لبنان للنجاة من الحرب فوقعن في فخ الإتجار بالبشر والعبودية الجنسية

في غرفات مظلمة نوافذها سوداء اللون، وداخلها سرائر من فوقها الأسواط والثياب النسائية على أرضيتها، تحكي سسهى التي تبلغ من العمر 27 عاما ما يخضعن لها وزميلاتها في تلك المهنة المشينة، والتي عملت بها في شمال بيروت بأحد بيوت الدعارة هنالك، وذلك في حديثها مع وكالة فرانس برس.

وكشفت عن العديد من الأمور المظلمة التي كانت تعيشها فتقول بأنهم كانوا يدفعونها لتمارس الجنس بشكل يوما مع 15 إلى عشرون زبونا، واضافت أن العدد ربما وصل إلى 40 في بعض الأوقات.

وكانت شبكة كبرى للإتجار بالبشر قد تم الإيقاع بها في مطلع ابريل الجاري، وبحسب ما ذكرت بعض منظمات حقوق الإنسان، أن عدد النساء اللاتي يمارسن الدعارة في ازدياد منذ بدء الحرب الأهلية في سوريا في عام 2011، وخصت بالذكر ذلك في لبنان والأردن، وأوضحت أن تلك النساء عرضة لعصابات الإتجار بالبشر.

وكانت الشرطة اللبنانية قد نجحت في تحرير 75 فتاة من عبودية الإتجار بالبشر، كانت أعمارهن تتراوح ما بين العشرون والثلاثون، وأغلبهن كان يحملن الجنسية السورية، حيث أجبروا على ممارسة الدعارة، وفي أثناء ذلك يتعرضن للضرب والتعذيب.

وعلى أثر تلك الفضيحة الكبرى، يواجه مسئولين في شرطة الآداب إتهامات وجهها لهم سياسيون لبنانيون، بأنهم يتسترون على تلك الشبكات، بالإضافة لاعتراف طبيب نسائي أنه قام بإجراء عشرات عمليات الإجهاض لتلك الفتيات، إلا أنه تم إقفال عيادته مؤخرا.

وأضافت المتحدثة لقناة فرانس، بأنه كان هنالك رجالا يحرسون تلك الغرفات، وأنهم كانوا يحضرون لهم كافة احتياجاتهم من المأكل والمشرب والكسوة والمكياج.

وأوضحت سهى أنها تمكنت من الهرب قبل حوالي أربعة أشهر من القبض على تلك العصابة، وتصف أنه كيف كان واجبا على تلك الفتيات إرضاء الزبون بأي شكل مهما كانت رغباته، بينما الرافضات لتنفيذ أوامر الزبون يتم جلدهن.

ونجح الرجل الذي يشرف على تعذيب الفتيات في الفرار، وهو بحسب ما أفادت السلطات الأمنية أحد عناصر المخابرات السورية وآشارت باسمه إلى ع.ر. حيث كان يدير أحد المناطق المعروفة بالملاهي الليلية في شمال بيروت.

وتكشف سهى ما تتعرض له الفتيات في صباح اليوم على يد ذلك المخابراتي الهارب، بأنه كان يضربهن عاريات بالكرباج أو مستخدما ماسورة، ملقيا المياه الباردة عليهن، بينما من تحاول الهرب يضربها بقدميه في رأسها وبطنها، موضحةً أن ذلك يكون على مرأى ومسمع من جميع الفتيات حتى يخفن من التعذيب.

وتكشف أن الحالة الوحيدة التي كان يُسمح بها للفتيات بالخروج، هي عندما يريد ذلك الرجل منها رغبته، وحتى يجربها ويكشف قدرتها على إتمام عملها بشكل جيد أم لا.

وأغلق الأمن الللبناني عددا من بيوت الدعارة هنالك أشهرها، شي موريس وسيلفر وعدد آخر من مثيلتها في جنوب وشمال لبنان، حيث تم تشميعها بالشمع الأحمر.

وسهى وقعت في ذلك الفخ منذ أن كانت في الثامنة عشر من عمرها، حيث استقطبها أحدهم للعمل في مطعم، إلا أنها وقعت ضحية البحث عن لقمة العيش، وأوضحت أنه ضربها ضربا مبرحا عندما رفضت مصرحا لها، بأنه دفع ثلاثة آلاف دولار مقابل الحصول عليها، مطالبا بحقه!.

ويكشف رئيس شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي، المقدم جوزف مسلم، بأن تلك الفتيات الضحايا تم مصاردة كافة أوراقهنّ وكل وسائل الإتصال الخاصة بهم، مشيرا إلى أنهم خضعن لاستعباد حقيقي، موضحا أن الفتيات اللاتي يقعن عليهن الاختيار يكن من عائلات فقيرة وعلى الأغلب ليس لهن أب أو أب يبحثون عنهن.

وأوضحت مايا عمار، منسقة التواصل في جمعية “كفى” التي تدافع عن حقوق المرأة، بأنه يتم إغواء تلك الفتيات بالعمل أو الزواج بحسب كل ضحية، مشيرة بأنه فور وصولها إلى لبنان يتم الاعتداء عليها لتجبر على الخضوع لأوامرهم.

وكشفت سهى، أن بعض الفتيات كانتا يتم شرائهن بشكل نهائي، بينما البعض الآخر كانتا على سبيل الإستئجار خيث تذهب بعد ذلك للعمل لدى شبكة أخرى.

وعن شعورها طوال السنوات السابقة، فتقول بأنها لم تكن تشعر بجسدها، فكانت تشعر بأنها مجرد قمامة، ملكا للزبائن، ذلك فضلا عن التعذيب والضرب والإجهاض الذي أصاب الفتيات بالأمراض الداخلية والإلتهابات، ما دفع بعض الفتيات للإنتحار حتى يحصلن على الخلاص.

وكان سكان المنازل المحيطة بتلك البيوت المشبوهة يسمعون صراخ الفتيات، إلا أن ع.ر. كان يختفي عن الآنظار بمجرد أن تأتي الشرطة.

وعلى الرغم من تلك القيود الأمنية الكبيرة، كانت بعض الفتيات تنجح في الفرار بمساعدة أحد الزبائن.

وتصل عقوبة الإتجار بالبشر ما بين 5: 15 عاما في السجن، وهناك ازدواجية في ذلك القانون الذي حير القائمون على تنفيذ العقوبات بشأن موقف الفتيات فالبعض يعتبرها ضحية، وآخر يعتبرها تمارس الدعارة.

وهناك بعض الحالات يتم التغافل عنها، وهي عن النساء القادمة من روسيا وأوروبا، والتي تحمل تأشيرة فنانة، والتي تعني لدى الأمن أنها تمارس الدعارة بشكل قانوني.

وتسعى جمعيات حقوق الإنسان على أن تمد يد العون لضحايا تلك الشبكات المشبوهة، ومساعدتهن لتبدأ حياة جديدة، وعلى الرغم من ذلك فتقول سهى “لقد دمروا حياتنا”.


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.