بفجوة تمويلية تصل إلى 60%… “برنامج الأغذية العالمي” يحذر: الجوع واليأس يلاحق الفارين من السودان إلى جنوب السودان
تشهد الحدود بين السودان وجنوب السودان كارثة إنسانية تتفاقم يوما عن يوم مع استمرار تدفق الفارين من جحيم القتال في السودان إلى جنوب السودان…جنوب السودان الذي يعاني بالفعل أزمات ونقص في التمويل والمساعدات الغذائية والإنسانية غير المسبوقة.
على مدار 5 أشهر منذ اندلاع الصراع في السودان، ما يقرب من 300 ألف شخص وصلوا جنوب السودان، وفي هذا الإطار أطلق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، تحذيرا من حدوث أزمة طارئة تطلق إنذارات وإشارات بكارثة إنسانية على الحدود بين السودان وجنوب السودان مع استمرار تدفق العائلات الفارة من القتال في السودان، عبر الحدود إلى جنوب السودان.
تشير أرقام برنامج الأغذية العالمي إلى أن واحد من كل خمسة أطفال من الفارين إلى جنوب السودان يعانون سوء التغذية، ثم أن 90% من الأسر إنهم يقضون عدة أيام دون تناول الطعام، و90% من الأسر العائدة تعاني من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد.
وكشفت بيانات الفحص التي تم جمعها عند المعبر الحدودي، وفق بيان صادر عن برنامج الأغذية العالمي منذ أيام، أن ما يقرب من 20% من الأطفال دون سن الخامسة، وأكثر من 25% من النساء الحوامل والمرضعات يعانون من سوء التغذية.
ومن جانبها قالت المديرة القطرية لبرنامج الأغذية العالمي في جنوب السودان، ماري إلين ماكغروارتي “إننا نشهد عائلات تنتقل من كارثة إلى أخرى أثناء فرارها من الخطر في السودان لتجد اليأس في جنوب السودان”.
وأكدت إلين أن الوضع غير مقبول، مشيرة إلى معاناة البرنامج من صعوبة تلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة على الحدود، فالبرنامج لا يملك الموارد اللازمة لتقديم المساعدة المنقذة للحياة لمن هم في أمس الحاجة إليها.
خطر الفيضانات
وأشار برنامج الأغذية العالمي إلى أن موسم الأمطار زاد من صعوبة ظروف مراكز العبور المزدحمة على الحدود، وأيضا الفيضانات ضاعفت من حجم الأزمة وتفاقم انعدام الأمن الغذائي والمساهمة في انتشار الأمراض.
كما أفاد تقرير حديث لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) أن الفيضانات والأمطار الغزيرة قد أحدثت خسائر كبيرة في السودان، ودمرت المنازل وألحقت الأضرار بالبنية التحتية الحيوية، فضلا عن تشريد مئات الأشخاص، ونفوق الماشية وتدمير الأراضي الزراعية، مما يزيد من خطر انعدام الأمن الغذائي، هذا إلى جانب غياب الأمن وانتشار السرقة والعنف أثناء الفرار من السودان إلى جنوب السودان.
وذكر برنامج الأغذية العالمي أنه بحاجة بشكل عاجل إلى أكثر من 120 مليون دولار أمريكي لزيادة الدعم للفارين من حرب السودان في جنوب السودان خلال الأشهر القليلة المقبلة.
فجوة التمويل
يواجه البرنامج في جميع أنحاء جنوب السودان، فجوة تمويلية تبلغ 536 مليون دولار على مدى الستة أشهر المقبلة، حيث لم يتمكن البرنامج من تقديم مساعدات الغذائية سوى ل40% من الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في عام 2023، ثم أن من يحصلون على المساعدة لا يحصلون إلا على نصف حصص الإعاشة بسبب نقص التمويل.
يشير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (أوتشا) أن خطط الاستجابة الإنسانية لكل من السودان وجنوب السودان تواجه نقصا في التمويل، فقد تم تمويل خطة الاستجابة للسودان بنسبة 32% فقط، حيث حصلت على 813 مليون دولار من أصل 2.6 مليار دولار كانت مطلوبة.
أما الوضع في خطة تمويل جنوب السودان، قد يكون أفضل قليلا، حيث وصلت مستويات التمويل إلى 53%.
وذكر السيد يانس لاركيه، المتحدث باسم (أوتشا) إلى أن حوالي 75% من إجمالي التمويل لهاتين الحالتين الإنسانيتين الطارئتين يأتي من ثلاث جهات مانحة، هي الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والصندوق المركزي للإغاثة الطارئة التابع للأمم المتحدة.
نقص الرعاية الصحية
ولا يقتصر الأمر على المساعدات الغذائية وإنما نقص توافر الخدمات الصحية الأساسية يزيد من حجم الأزمة في السودان، فوفق ما ذكره بيان المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية اليوم 4 أكتوبر 2023، تعاني بلدان إقليم شرق المتوسط عددا غير مسبوق من الطوارئ الصحية الناتجة عن هشاشة الدول والصراعات، والظواهر المناخية القصوى بسبب تغير المناخ، وحالات النزوح الجماعي والتفاوت الاقتصادي.
وتشير أرقام منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط أنه حتى منتصف عام 2023، زاد عدد من احتاجوا إلى مساعدات إنسانية، ومنها مساعدات إنسانية صحية، عن 363 مليون إنسان على مستوى العالم منهم 140 مليون إنسان في إقليم شرق المتوسط فقط، ويزداد العدد مع زيادة حالات الطوارئ الأخيرة، منها فيضانات ليبيا، والنزاع المسلح في السودان، فعلى سبيل المثال توقفت 70% من المستشفيات في السودان عن العمل، كما ارتفعت مستويات سوء التغذية ارتفاعا هائلا.
الصورة لتأثير الفيضانات وتغير المناخ_المصدر:سكاي نيوز عربيةتحديات المجتمع الدولي
يقدم المجتمع الدولي، ممثلا في المنظمات المحلية والدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر وغيرها من المؤسسات، العديد من المساعدات والجهود لتحسين الأوضاع في جنوب السودان، والحفاظ على الأمن والاستقرار، وتعزيز التنمية المستدامة وحقوق الإنسان، وتعزيز العدالة والمصالحة، ومع ذلك لا يزال هناك الكثير من التحديات التي تواجهها وتستدعي استمرار التعاون والتضامن الدولي للتغلب عليها، ومن أهم هذه التحديات في جنوب السودان:
- النزاعات المسلحة وعدم الاستقرار، حيث تتسبب في انعدام الأمن وتعرقل جهود إيصال المساعدات الإنسانية والتنمية.
- نقص التمويل، حيث يصعب على المنظمات الدولية الحصول على التمويل اللازم لتقديم المساعدات الإنسانية وتنفيذ مشروعات التنمية المستدامة.
- صعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة، تعد الأوضاع الجغرافية والبنية التحتية الضعيفة أحد عوائق وصول المساعدات إلى المناطق المتضررة وخاصة مناطق اللاجئين والنازحين.
- نقص البنية التحتية والخدمات الأساسية، حيث تعاني البلاد من نقص في البنية التحتية والخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والمياه والصرف الصحي.
- تداعيات النزاعات العرقية والقبلية، حيث تعاني جنوب السودان من توترات عرقية وقبلية تؤثر على الاستقرار والتعايش السلمي.