الأمن المائي العربي.. مخاطر وتحديات في انتظار قمة المناخ بشرم الشيخ

55 %نقص المياه في المنطقة العربية و80%للطاقة و60%%للطعام بحلول 2050

 

مع قرب انعقاد مؤتمر المناخ العالمي (كوب 27) الذي تستضيفه مصر نوفمبر القادم، يستعد الجميع لطرح أخطر قضايا تمس أمن العالم والحياة على كوكب الأرض ولعل قضية الأمن المائي في الوطن العربي من  القضايا الحيوية التي تواجهها المنطقة العربية خلال القرن العشرين، نتيجة لما تتصف به المنطقة بشح الموارد الطبيعية للمياه العذبة، فضلا عن أن  أكثر من 75% من الموارد المتوفرة تنبع من خارج حدود الوطن العربي، حيث يقع الوطن العربي في المنطقة الجافة وشبه الجافة، كما تقع خمس عشرة دولة عربية تحت خط الفقر المائي، فضلا عن تأثير التغيرات المناخية في زيادة معدلات الجفاف وذلك حسب إحصائيات البنك الدولي، مما يستوجب تكثيف الجهود لمواجهة أزمة الأمن المائي العربي، وهذا ما نتوقع أن يحظى باهتمام واسع خلال مؤتمر المناخ القادم

خبراء المياه والتنمية المستدامة يرصدون حالة الشح المائي وسبل التصدي له كما تقول  تريسي زعرور مساعد  بحوث المياه   بمجموعة تغير المياه واستدامة الموارد الطبيعية في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا وعضو شبكة المياه الجوفية، هي منطقة شحيحة المياه فهناك  19 دولة عربية تحت خط ندرة المياه حيث يبلغ نصيب الفرد 1000 متر مكعب في السنة بينما 13 دولة تعاني ندرة المياه المطلقة ويبلغ نصيب الفرد 500 متر مياه مكعب في السنة، ومن المتوقع أن يصل عام2050 إلى 17 دولة تعاني  ندرة المياه المطلقة.

صورة 1

و تضيف زعرور أن 87 مليون شخص يفتقرون إلى الوصول لمصدر مياه جيد، ويفتقر حوالي 70 مليون  إلى مصدر مياه مستمر وأكثر من 74 مليون يفتقرون إلى مرافق غسل اليدين المستمر.و فيما يتعلق بالاستهلاك فتشير الأرقام إلى أن قطاع الزراعة يعد المستهلك الأكبر للمياه بنسبة 80% % من المياه.

نضوب المياه الجوفية

تعتمد أكثر من نصف الدول العربية  على المياه الجوفية كمصدر أساسي، بينما تعتمد دول أخرى مثل مصر والعراق والمغرب والسودان والصومال على مصادر المياه السطحية، أما دول الخليج فالاتجاه أكبر نحو المياه المحلاة وذلك منذ 1990 حتى 2017   مما يعد تخفيفا للضغط على المياه الجوفية وهذا جيد للاستمرارية، خاصة وأن 50% من المياه الجوفية غير متجددة وبالتالي الاستخراج المفرط يؤدي إلى نضوبها، فضلا عن أن المساحة التي تعاني انخفاض المياه الجوفية زادت بنسبة 100% في المدّة من 2002 إلى 2018 ما يدعو ضبط الاستخراج المفرط لها.

المياه المشتركة 

و من التحديات التي تواجه المنطقة أيضا  فتشير الخبير المائي إلى تحدي المياه المشتركة والتي تشكل ثلثي المياه العذبة بالمنطقة، بالنسبة للمياه للسطحية هناك 27 حوض مشترك بين 14 دولة من أصل 22

أما لمياه الجوفية فكل الدول العربية تتشارك في حوض جوفي، يتمثل في  أكثر من 40 حوض، بنسبة 52% من المساحة السطحية للدول العربية وهذا يتطلب تعزيز التخطيط والتعاون بين الدول العربية للحفاظ عليها.

عوائق وأولويات

وفقا لتقرير من الإسكوا  عن تنفيذ الإدارة المتكاملة للموارد الاتجاهبين الدول العربية، يشير إلى تحسن إدارة الموارد المائية بين عامي 2017 حتى 2010، ويكشف عن أهمية تضاعف التنسيق بين الدول العربية للوصول للهدف حتى عام 2030 ويكشف عن العوائق والأولويات  التي تواجه المنطقة العربية وأهمها ندرة المياه، تغير المناخ، الإطار القانوني، مراقبة ومشاركة البيانات والمعرفة، التمويل، التنسيق بين القطاعات، بناء القدرات، إدارة الأحواض، الوضع السياسي، تلوث المياه.

صورة 2

 

و لذا توصي الدراسات العلمية لتحقيق الأمن المائي بين الدول العربية ضرورة الاتجاه نحو تطبيق حوكمة مياه فعالة لتعزيز السياسات وتجنب  الاستهلاك المفرط ،تعزيز التعاون بشأن المياه العابرة للحدود، استخدام التكنولوجيا الحديثة في مجال الريو

استخدام المصادر غير التقليدية للمياه للتخفيف من استهلاك المياه الجوفية فضلا عن تطبيق نهج تشاركي بالسياسات وتبادل المعلومات، وتمويل مشروعات في قطاع المياه، والحرص على بناء القدرات.

الإدارة التعاونية

و لا شك أن أهم التحديات التي تواجه المنطقة العربية هي افتقاد اللوائح والسياسيات لتوجيه الإدارة التعاونية للأحواض المشتركة بين الأطراف وخير دليل ما يحدث في أزمة سد النهضة بين مصر واثيوبيا وما ترتب عليه من تداعيات وتوترات سياسية، ما  يكشف عن ضرورة الحاجة إلى سياسات فعالة ومستدامة تقوم على بيانات تقنية دقيقة ورسم الخرائط المحسنة لإثبات أهمية المسطحات المائية العابرة للحدود ولا سيما طبقات المياه الجوفية في شبه الجزيرة العربية و  شمال إفريقيا  فغياب الجهود التعاونية لإدارة الموارد المائية المشتركة من الدول المعنية يضع أمن الموارد المائية للتهديد الواضح.

دكتورة رايا اسطفان خبير ومستشار دولي في قانون المياه وخاصة المياه الجوفية والعابرة للحدود، تتحدث عن الإطار الدولي والإقليمي للتعاون حول المياه المشتركة وتشير إلى أن الحدود السياسية تزيد من المشكلات لأن كل دولة لها سياساتها ومنهجيتها في إدارة المياه ما يعد صعوبة في حالة  المياه الجوفية المشتركة.

و تضيف اسطفان إن  التعاون بين الدول العربية لإدارة المياه أمر يحتاج إلى وقت كبير في ظل الخلافات والأزمات السياسية التي تعطل ذلك، كما حدث في محاولة إدارة النهر الكبير بين  لبنان وسوريا ولكنها توقفت، فضلا عن مشكلة المياه العربية تحت الإحتلال مثل  نهر الأردن الذي قع  بين 4 دول عربية وإسرائيل، حتى الآن لا توجد اتفاقية بين الأردن وإسرائيل ثم أن الحقوق الفلسطينية على نهر الأردن غير معترف بها، وأيضا  مشكلة اللاجئين السوريين  كما في لبنان والأردن يزيد من الضغط على الموارد المائية.

صورة 3

حوض الجزائر

لاشك أن التغيرات المناخية تزيد من التهديدات التي تلاحق الأمن المائي العربي كما يقول حسن عواد  مساعد بحوث المياه في مجموعة تغير المناخ واستدامة الموارد الطبيعية في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية  لغرب آسيا  مشيرا إلى دراسة الحالة التي أجراها على حوض الجزائر وتأثير التغيرات المناخية عليه.

يقول عواد أن المشروع بالتعاون بين الفاو والإسكوا لتنفيذ برنامج 2030 لكفاءة المياه والإنتاجية والاستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بتمويل الوكالة السويدية للتعاون الإنمائي، تناولت الدراسة أثر المناخ على حوض الجزائر، الذي يمتد على 4 ولايات بالجزائر، مساحته 4570 كيلو متر مربع، الحوض الجوفي الأساسي 540 مليون متر مكعب من المياه، يغذي الولايات الأربعة والعاصمة الجزائرية، يتميز مناخه بالاعتدال، بارد شتاء وجاف صيفا.

و قد خلصت الدراسة إلى أنه بسبب قلة القدرة على التكيف وهشاشة الوضع التي تزداد بفعل تغير المناخ 2021- 2060، من المتوقع أن تشمل 86% من الأراضي الزراعية و93%من السكان، و49% من الأنهر الجوفية لحوض الجزائر وقد نتج عن الدراسة عدة مشروعات سيتم عرضها في مؤمر المناخ 27 بمصر.

الأمن الغذائي

بالطبع لا انفصال بين الأمن المائي والأمن الغذائي هكذا يتحدث دكتور باسل ضاهر باحث مساعد بمعهد تكساس “ايه اند إم” للطاقة ومشيرا إلى تأثيرات الأمن المائي والطاقة والأمن الغذائي، مضيفا إننا في عالم نتوقع فيه تحديات عدة بيئية، اقتصادية، تكنولوجية، اجتماعية، من الصعب توقعها المهم أن توفر بيئة لخلق آليات تنسيق بين القطاعات المختلفة للبحث العلمي لمواجهة التحديات.

فالأرقام تشير إلى أنه في 2050 نحن بحاجة إلى مياه أكثر بنسبة 55%، طاقة أكثر بنسبة 80%، طعام أكثر بنسبة 60%، ومن المتوقع أن يبلغ تعداد السكان العالمي  9 مليار فضلا عن التحديات الاقتصادية والتغيرات المناخية وهي تحديات مترابطة، 15% من المياه تتجه لإنتاج الطاقة و30% من الطاقة العالمية تتجه نحو إنتاج الغذاء و70% من المياه العذبة تتجه لقطاع الزراعة.

و لمزيد من التحديات أيضا بحلول 2050  سيكون لدينا أكثر من 844 مليون شخص يعانون نقص مياه الشرب، وأكثر من بليون شخص يعانون نقص الطاقة، 815 شخص يعانون نقص الغذاء.كما يتضاعف أعداد السكان بحلول عام 2050 وخاصة في مصر والعراق والسودان مما يعد ضغطا على الموارد المائية المياه المتاحة للفرد والذي ينخفض بنسبة 50%.

و تشير التوقعات أيضا إلى أن أكتر من 60% من السكان يعانون نقص مائي أقل من المعدل العالمي ما يؤثر على اقتصادات الدول بنسبة 70%، وخلال العشر سنوات التالية من المتوقع ارتفاع درجات الحرارة عالميا أكثر من ضعف المعدلات الطبيعية، أكثر من 70% ما يؤثر على قطاع الزراعة الذي يعتمد على الأنهار في المنطقة العربية، بالتالي على الأمن الغذائي، حيث يعاني مليون فرد من الجوع في 2019، ف المنطقة العربية التي تعد أكبر مستورد للمواد الغذائية، ما يتطلب تطوير قطاع الزراعة كقطاع استراتيجي، والتفكير المنظومي للربط بين هذه التداخلات بين قطاعات الطاقة والزراعة والمياه لإيجاد حلول لمشكلة المياه في المنطقة العربية، وهذا ما نأمل تحقيقه في ضوء مخرجات مؤتمر القمة المناخية القادم بشرم الشيخ.

صورة 4

 

 

 

 

 

 

 


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.