أسامة أنور عكاشة..حجر الزاوية المفقود في الدراما المصريَّة

أتذكَّر جيّدًا أنا وأبناء جيل السبعينيَّات والثمانينيَّات اسم أسامة أنور عكاشة وهو يزين تترات المسلسلات المصريَّة، كانت كتابة اسم عكاشة وقتها في أي مسلسلٍ؛ هو بمثابة ضمانة واضحة على الجودة الدرامية والفنية لهذا العمل، نعم .. شاهد هذا العمل باطمئنان وبكل حواسك، واستمتع بما جاد به عقل أسطى الدراما العربيَّة دون منازع.

عكاشة الذي ترسخت معظم أعماله الدرامية البديعة الثرية في وجدان المشاهدين من المحيط إلى الخليج، حصل على ليسانس الآداب قسم دراسات علم النَّفس والاجتماع، وهي الدراسة التي جعلته على دراية واسعة بأنماط الشَّخصيات المختلفة، وأعطته قدرًا هائلًا من المعرفة الأكاديمية، والتي مكنته تلقائيًّا من تحليل هذه الشخصيات نفسيًّا، وتشريحها اجتماعيًّا، وهو الأمر الذي انعكس على معظم أعماله القيمة في النهاية.

لا ينكر أي متابع جيد للدراما المصريَّة أنَّها في أزمة حقيقية منذ سنوات عدة، ويمكننا القول بأن أحد أبرز أضلاع هذه الأزمة هو عدم وجود النصوص الجيّدة الصالحة للاستهلاك الوجداني للإنسان! نعم.. فواقع الأزمة يؤكد افتقاد الدراما المصريَّة إلى النصوص المعبرة عن المجتمع، والتي ترصد بشفافيةٍ قضاياه الشائكة، وتطرح مشكلاته العديدة وتعبر عنها، في ضوء التغيرات الفظيعة التي طرأت على الشخصية المصريَّة مؤخرًا، من خلال اندلاع ثورتين خلال ثلاث سنوات، لا يمكنك أيضًا أن تتجاهل وتغض البصر عن الاحتكار كذلك، أقصد احتكار جهة انتاجية واحدة تقديم الأعمال الدرامية للمشاهد، لكنَّه ليس بموضوعنا الآن على أي حالٍ.

صورة 1

الاتزان يأتي من هنا

حجر الزاوية الذي نبحث عنه هو الذي يمكنه أن يعيد الاتزان إلى الدراما المصريَّة، ويعيد لها كذلك طلاء العظمة والأبَّهة والإبداع الحقيقي الذي كانت تتميز به؛ حجر الزاوية هو السيناريست المبدع الحقيقي المؤمن بأهمية وصدق ما يكتبه، هو المنحدر من نفس سلالة عكاشة العبقري المبهر ورفاقه ممن صنعوا اسم الدراما المصريَّة على مدار السَّنوات الماضية، هو المبدع المشغول بقضايا وطنه المحورية، ومشكلات النَّاس وهمومهم في مصر، مصر التي نعرفها حق المعرفة بحاراتها وشوارعها وفي الدواوين الحكومية والمقاهي وغيرها، وليست تلك التي تُصدر للمشاهدين في بيوتهم في صورةٍ براقةٍ في “الكومباوندات” الفاخرة، حيث تعيش الطبقة المخملية بمشكلاتها التافهة! هذه الدراما التي تقدم بصدق وتعالج هموم المجتمع وتناقش قضاياه هي التي تعيش إلى الأبد، وهي التي ساعدت أسطى الدراما العربيَّة أسامة أنور عكاشة ورغم وفاته؛ ساعدته على البقاء بازغًا في وجدان النَّاس إلى الآن، وحتَّى يظهر لنا أسامة أنور عكاشة آخر؛ فالدراما المصريَّة تواصل سقوطها الحر، نحو قاع من التردي والسطحية.

صورة 2


قد يهمك:

عن الكاتب:
اترك رد

تعليق 1
  1. اشرف بندارى يقول

    الشهد والدموع مسلسل جميل .الله يرحمة


جميع المحتويات المنشورة على موقع نجوم مصرية تمثل آراء المؤلفين فقط ولا تعكس بأي شكل من الأشكال آراء شركة نجوم مصرية® لإدارة المحتوى الإلكتروني، يجوز إعادة إنتاج هذه المواد أو نشرها أو توزيعها أو ترجمتها شرط الإشارة المرجعية، بموجب رخصة المشاع الإبداعي 4.0 الدولية. حقوق النشر © 2009-2024 لشركة نجوم مصرية®، جميع الحقوق محفوظة.