“بدأت كثير من الأمهات في اتباع أساليب التربية الإيجابية، وقد تصدرت هذه الكلمة مواقع التواصل الاجتماعي في مصر لفترة من الوقت، تعليقًا على صعوبة هذا النوع من التربية الذي يتطلب التروّي مع الطفل وعدم نهره أو استخدام أي أساليب من أساليب الشدة، فما هي التربية الإيجابية من الأساس، ولماذا اختارتها الأمهات كنهج لتربية أبنائهن؟”
التربية الإيجابية تمثل مزيجًا من مبادئ التعليم التقليدي ودراسة السعادة والرفاهية، وقد قام مارتن سيليغمان، أحد مؤسسي علم النفس الإيجابي، بدمج هذا العلم في نماذج التعليم والتربية كوسيلة لتقليل الاكتئاب لدى الشباب في المستقبل وتعزيز رفاهيتهم وسعادتهم، باستخدام نموذج PERMA (أو امتداده، إطار PERMAH)، يتبع هذا النموذج في المدارس لتعزيز الصحة العقلية الإيجابية بين الطلاب والمعلمين، وليس لدى الأمهات فقط، بل يهدف المعلمون والممارسون إلى تعزيز الصحة العقلية الإيجابية بين الطلاب والمعلمين.
تشمل التربية الإيجابية خمسة عناصر أساسية تهدف إلى تعزيز نمو الطفل وسعادته الشخصية، تلك العناصر تعتبر أساسية لبناء علاقات صحية وتطوير شخصية قوية ومتوازنة، دعونا نلقي نظرة عميقة على هذه العناصر وكيف يمكن تطبيقها بشكل فعّال من قبل الأمهات بشكل خاص والوادين بشكل عام:
- المشاعر الإيجابية: يعتبر توجيه الطفل نحو المشاعر الإيجابية أمراً حيوياً في تربيته، يجب على الوالدين تشجيع الطفل على التعبير عن مشاعره بشكل صحيح وتقديم الدعم والتقدير لمشاعره الإيجابية مثل الفرح والامتنان والأمل.
- المشاركة: من خلال إشراك الطفل في أنشطة مختلفة، يمكن تعزيز تطوير مهاراته وزيادة شعوره بالتحدي، مما يساعده على النمو الشخصي والاجتماعي.
- العلاقات الإيجابية: تلعب العلاقات الإيجابية دوراً مهماً في حياة الطفل، حيث توفر الدعم والرعاية في اللحظات الصعبة وتعزز السعادة والرفاهية في الحياة اليومية.
- المعنى والغرض: يتعلق هذا العنصر بإيجاد قيمة كبيرة في الحياة، ويرتبط بزيادة السعادة والرضا والحافز والإمكانات لدى الطفل.
- الإنجاز: يهدف إلى تطوير واستخدام الإمكانات الفردية لتحقيق نتائج ذات معنى.
بعض أساليب التربية الإيجابية وكيفية استخدامها مع الطفل
تربية الأطفال ليست بالأمر السهل، فإما أن تكون صحيحة وسليمة وإما أن تكون فاشلة تنتج عنها سلبيات بسبب عدم قدرة الوالدين على تأدية واجبهما على أكمل وجه. تعتبر الطبيبة أولغا سوبرا، المعالجة النفسية للأطفال والمراهقين، أن الأساليب العصرية غير المباشرة في تربية الأبناء تحد كبير للأهالي، حيث يجب عليهم تعلم كيفية الاستماع للطفل وترك المساحة له للتعبير عن حاجاته، وتعلم الاسترخاء للوصول إلى الحوار والابتعاد عن المعاملة السلبية للطفل، فضلاً عن الانتباه للكلمات التي تقال له. وتستعرض سوبرا بعض أساليب التربية الإيجابية وكيفية استخدامها مع الطفل، ومنها:
- أسلوب الثناء والمدح والابتعاد عن العقاب والصراخ: يتضمن استخدام الإيجابيات بدلاً من التركيز على السلبيات، وتقديم التقدير والمدح للأعمال الصحيحة بدلاً من الانتقاد.
- أسلوب تقديم الخيارات المتعددة: يتيح للطفل اتخاذ القرارات الصغيرة مما يعزز من شعوره بالتحكم والمسؤولية عن أفعاله.
- أسلوب وضع الحدود: يساعد الطفل على فهم القواعد والتوقعات وتحديد النتائج لسلوكياته.
- التربية بالثواب والعقاب: يشمل تعزيز السلوك الجيد بالمكافآت وتحديد العواقب المنطقية للسلوك السلبي دون استخدام العقاب البدني أو اللفظي.
- التحدث مع الطفل والاستماع له: يشجع على التواصل الفعّال وبناء الثقة بين الوالدين والطفل من خلال فتح قنوات الحوار وحل المشكلات.
- تعليم الفرق بين الصواب والخطأ: يعزز فهم القيم والمبادئ الأخلاقية ويعطي الطفل الثقة في اتخاذ القرارات السليمة.
وفي ضوء هذه الأساليب، يمكن للآباء والأمهات أن يبنوا بيئة تربوية إيجابية تعزز نمو وتطور الطفل بشكل صحيح ومتوازن. إذ يعتبر التربية الإيجابية منهجاً فعالاً لتعزيز الثقة بالنفس وتحفيز السلوك الإيجابي لدى الأطفال.