مع توقع قيام إسرائيل بإجتياح رفح، يزداد القلق المصري من هذه الخطوة الإسرائيلية، وترتفع النبرة التحذيرية للدبلوماسية المصرية، من قيام إسرائيل بهذا الإجتياح، مهددةً إسرائيل بعواقب وخيمة.
إجتياح رفح بالنسبة لإسرائيل
تتعلق آمال قادتها على معركة رفح، التي يعتبرونها: فاصلة، في حسم حرب غزة، التي تجاوزت الآن 4 شهور، دون تحقيق أهدافها المعلنة، وهي تحرير الأسرى الإسرائيليين، والقضاء على حماس.
وكان بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، قد أوعظ جيش الإحتلال منذ الأسبوع الماضي، بالتجهيز لمعركة رفح، على محورين، أولهما: إخلاء المدنيين الذين تكدسوا في رفح، ووصلت تقديرات لأعدادهم إلى 1.200.000 نازح إضافة إلى سكان رفح الأساسيين، الذين يُقدر عددهم بحوالي 225.000 نسمة.
أما المحور الثاني من الخطة، فهو سحق حماس، وهو الهدف الذي فشلت إسرائيل حتى الآن في تحقيق ولو نسبة محدودة منه، وإن كانت قدرات حماس قد تقلصت في الأسابيع الأخيرة، وتراجع بشكل ملحوظ معدل الرشقات الصاروخية التي كانت تطلقها المقاومة على المدن الإسرائيلية.
الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، تحاول كل جهدها، تحقيق إنتصار ولو جزئي في الحرب، تستطيع به تهدئة غضب الشعب الإسرائيلي، من الفشل المركب الذي جَلَبَ على إسرائيل الويل، لأول مرة في تاريخها، وبهذا الحجم من الخسائر والهوان.
ولا يُتوقع تراجع الحكومة الإسرائيلية عن الإستمرار في الحرب، إن لم تحقق أي إنتصار ولو جزئي، بل ستعمل “وبإصرار” على تحقيق خطة كانت أقرتها إسرائيل منذ عام 1968 لتهجير سكان غزة إلى سيناء، وسيكون تحقيق هذا الهدف، الذي نعتبره: الهدف الأساسي للحرب، عزاءًا كافيًا لحكومة نتنياهو، يقدمه للشعب الإسرائيلي عن إخفاقاته خلال الحرب.
وفي كل الأحوال، سيتعمد نتنياهو وحكومته، إطالة أمد الحرب، حتى حلول موعد الإنتخابات الرئاسية الأمريكية، علّ وعسى أن يفوز بها ترامب، الذي سينقذ ساعتها رقبة نتنياهو، وسيقوم بإعادة ترتيب كل الاوضاع لمصلحة اليمين الإسرائيلي الذي يقوده نتنياهو.
إجتياح رفح بالنسبة لمصر
مصر هي الطرف الأهم على الإطلاق في معادلة معركة رفح، فمصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تجاور حدود غزة، ومصر هي المسئولة تاريخيًا عن قطاع غزة، منذ عام 1948 ـــ 1967 حين إحتلته إسرائيل في حرب يونيو، ومصر هي حلقة الوصل بين غزة وإسرائيل، وبين غزة والعالم.
ومصر هي التي تريد إسرائيل تنفيذ مخططها في تهجير سكان غزة، على حساب سيادتها على سيناء، وعلى حساب أمنها القومي، بل وعلى حساب إستقرارها الداخلي، خدمةً لإسرائيل، كي تتخلص من صداع غزة الذي تعانيه منذ إحتلالها للقطاع في حرب 1967
وتعتبر مصر هي الرقم الصعب في معركة رفح، للأسباب الآتية:
- من المستحيل أن تقبل مصر تهجير سكان غزة إلى سيناء، لأنها ستكون بذلك تتنازل عن سيادتها على الأرض، ولرفض مصر أيضًا أن تكون سيناء منطلَقًا لهجمات المقاومة على إسرائيل، فيما بعد التهجير.
- كما سيتسبب التهجير، في توقف مصر عن القيام بدور الوسيط بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية.
- وسيكون بإمكان مصر إدخال المساعدات إلى غزة، دون السماح لإسرائيل بتفتيشها.
- وستخسر إسرائيل بتوتر العلاقات بينها وبين مصر، توقف مسيرة التطبيع بين إسرائيل وبعض الدول العربية.
كما سيكون التهجير سببًا مسوّغًا قانونيًا، لأن تقوم مصر بتعليق معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، حيث نصت المعاهدة على أن “يمتنع الطرفان عن التهديد بإستخدام القوة ضد الآخر، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر” ويعتبر قيام إسرائيل بعمل عسكري، يتسبب في تهجير سكان غزة إلى داخل الحدود المصرية، شكلًا غير مباشر من أشكال إستخدام القوة ضد مصر.
كما يعتبر إدخال إسرائيل، لجيشها في المنطقة الحدودية (د) وهي منطقة بعمق 4 كيلومتر داخل الحدود الإسرائيلية، إنتهاكًا لنصوص إتفاقية السلام، ويمثل عملًا عدائيًا ضد مصر، بموجب الإتفاقية.
إجتياح رفح بالنسبة للأطراف الدولية
حذرت منظمة الأمم المتحدة، من أن إجتياح رفح سيفاقم من المأساة الإنسانية التي يعيشها الفلسطينيون، وسيتسبب في تدهور العلاقات المصرية الإسرائيلية.
وحذرت الولايات المتحدة الأمريكية من إجتياح رفح، دون الأخذ في الإعتبار تأمين المدنيين، وألّا يكونوا عُرضة لنيران الجيش الإسرائيلي.
كما صرح حسين عبد اللاهيان وزير الخارجية الإيراني بأن إسرائيل ستواجه عواقب وخيمة، حال هجومها على رفح.
أما جوزيب بوريل مفوض السياسة الخارجية الأوروبية، فقد استهزأ من تصريح نتنياهو عن نية إسرائيل فتح ممرات آمنة لعبور الفلسطينيين، بأن نتنياهو يقصد ممرات آمنة إلى القمر، في إشارة منه إلى عدم وجود وجهة آمنة للفلسطينيين، حال إجتياح رفح.