في محاضرة تذكارية نظمتها جامعة القاهرة، أكد الدكتور محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، أن الدين الإسلامي هو دين كامل لا تجديد فيه، وإنما التجديد في تنوع الاجتهاد في القضايا الكبرى لمقتضياته الشرعية.
ما هو الاجتهاد؟
وقال العيسى في محاضرته التي حملت عنوان “مستجدات الفكر بين الشرق والغرب”، إن الاجتهاد هو عملية إنزال النص الشرعي على الواقعة، وأن لكل زمان ومكان واقعاته التي يختلف بها مقصد النص، لأن شريعة الله جاءت لتحقيق مصلحة الدِين ومصالح الدنيا بعيدًا عن الأهواء، وأشار إلى أن الفقهاء السابقين لم يُلزموا أحدًا باجتهادهم، وأن الفقيه الحق هو من يحترم من سبقه، لكنه يجتهد في سياقه المكاني والزماني، مؤكدًا أن الدين لا تجديد فيه، إنما التجديد في تنوع الاجتهاد أو أخذ الناس للدين بعد الغفلة عنه.
ما هي المستجدات الفكرية بين الشرق والغرب؟
وتناول العيسى في محاضرته التي استمرت تسعين دقيقة، أبرز الملامح العامة والمتغيرات الفكرية التي طرأت بين الشرق والغرب، ونقاط الاختلاف والالتقاء، موضحًا أن المُستجدات بين الشرق والغرب تتعلق بجملة كبيرة من القضايا ذات الصلة الأكثر بالمفهوم المطلق والمجازف للحريات، الذي لا يقيم للدِين ولا الفطرة الإنسانية أي اعتبار، ومن بين هذه القضايا، ذكر العيسى مثالًا على قضية الزواج المثلي، وقال إنها قضية تتعارض مع الفطرة الإنسانية والدين الإسلامي، وأنه لا يمكن أن يكون هناك حوار بين الشرق والغرب حولها، لأنها تتجاوز حدود الاختلاف الفكري والثقافي، وتمس القيم الإنسانية الأساسية.
ما هو التجديد في الدين؟
التجديد في الدين لا يعني تغيير الدين أو تحريفه أو تبديله، بل يعني تنوع الاجتهاد في القضايا الكبرى لمقتضياته الشرعية، وهذا ما أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها”، والمراد بالتجديد هنا هو إحياء الدين وتنوير الناس به وتحصينهم من البدع والخرافات والانحرافات.
ما هي أهمية الاجتهاد والتجديد في الدين؟
الاجتهاد والتجديد في الدين هما من أهم الوسائل للتعامل مع المستجدات والتحديات التي تواجه المسلمين في كل زمان ومكان، فالدين الإسلامي هو دين شامل ومناسب لكل عصر ومكان، ولكن يحتاج إلى فهم صحيح وتطبيق سليم، وهذا لا يتحقق إلا بالاجتهاد الرشيد والتجديد الحكيم، الذي يراعي الثوابت والمتغيرات، ويحقق مصلحة الدِين ومصالح الدنيا، بعيدًا عن الأهواء والتعصب والجمود.
ما هي مُهددات الوئام بين الأمم والشعوب؟
ونبه العيسى إلى مُهددات الوئام بين الأمم والشعوب التي ظهرت مؤخرًا من خلال الاستفزازات الدينية من منطلق الحريات المنفلتة التي أساءت للمفهوم الجميل للحريات، ومنها حوادث حرق نُسخ من المصحف الشريف، وقال إن الحريات المطلقة تهدد سلام عالمنا ووئام مجتمعاته الوطنية ولاسيما إشعال صدام الحضارات، داعيًا إلى الحوار الجاد والفاعل بين الشرق والغرب، ومراعاة الجدية والفاعلية وكفاءة المحاورين وتأثيرهم وأخلاقيات طرحهم وشفافيتهم، واقترح أن يكون كل محاور متحدثًا بلغته الأم، لتجنب الثغرات التي قد تنتج عن التحدث بلغة ليست اللغة الأم، خاصة في السياقات العلمية والفكرية والفلسفية المعقدة.
ما هي رسالة العالم الإسلامي؟
واختتم العيسى محاضرته بالتأكيد على أن العالم الإسلامي يحمل رسالة سامية وقيمًا رفيعة ولابد أن تصل ويفهمها الآخرون، في أجواء يَحُفها سمو النفس، والأدب الرفيع، والحكمة، وقال إن العالم الإسلامي يسعى إلى نشر السلام والتعايش والتعاون بين الشعوب والأمم، وأنه يرفض العنف والإرهاب والتطرف والتعصب، وأنه يحترم الاختلاف والتنوع والحريات المشروعة، وأنه يعتنق قيم العدل والرحمة والمساواة والكرامة.