اليوم سوف نقص عليكم قصة أحد الكفار الذين عادوا الرسول صلى الله عليه وسلم فكانت عاقبته الهلاك في الدنيا والآخرة، أنه عامر بن الطفيل فارس وشاعر جاهلي، كان يعيش مع قبيلته في منطقة بوسط نجد، ومنذ صغره عُرف بينهم بشجاعته وجرأته في الفروسية، حتى أن فروسيته كانت مقياسًا للآخرين فقيل “أفرس من عامر”، وُلد قبل رسولنا الكريم بنحو 17 عامًا، أما عن حكايته وكيف عادى الرسول، وماذا كان مصيره الذي عاقبه الله به فهذا كله سوف نذكره بعد قليل.
من هو عامر بن الطفيل؟
لمن لم يسمع اسمه من قبل فإن عامرًا من أشهر فرسان وشعراء العصر الجاهلي، وقد عُرف ببأسه الشديد، وجرأته وشجعاته التي ليس لها حدود، أما عن مواصفاته الجسدية فقد كان طويل القامة عريض المنكبين، فقد إحدى عينيه في أحد معاركه فعاش بعدها أعورًا، ثم أنه كان عقيمًا فلم ينجب أي أولاد، وبقية المعلومات كالآتي:
- اسمه: عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر بن بن كلاب.
- اسم قبليته: بني عامر بن صعصع.
- كنيته: كانت لعامر كنيتين أحدهما كان يُنادى بها وقت الحرب وهي “أبو عقيل” وفي غير ذلك كان يُكنى “أبو علي”.
- تاريخ ميلاده: ولد قبل ولادة الرسول صلى الله عليه وسلم بنحو 17 عام، بالتحديد يوم شعب جبلة عام 553ميلاديًا.
يمكنك قراءة الآتي:
عُرف بقصائده الشعرية التي يلوح فيها الفخر الفردي بنفسه أكثر من أي شيء آخر والحماسة أيضًا، أما عن بقية الأغراض الشعرية مثل الهجاء والمدح وغيره فلم تظهر في قصائده، وبسبب براعته في الشعر لُقب بـ محبرًا، ثم أنه بات سيد قومه حينما مات ابن عمه “أبو براء مالك بن عامر” الملقب “ملاعب الأسنة” وفي تلك المناسبة صاغ عامر أبيات شعرية تصف الحدث قائلًا فيها:
فإني وإن كنت بني فارس عامر وفي السر منها والصريح المهذب.
فما سودتني عامر عن وراثة أبى الله أن أسمو بأم ولا أب.
ولكنني أحمي حماها، واتقي أذاها، وأرمي من رماها بمنكب.
أما عن قصته في عداء الإسلام ونبينا الكريم فقد بدأت حينما أسلم الكثيرون وآمنوا بسيدنا محمد، وقتها طلبت قبيلته منه أن يسلم هو الآخر لكنه تعنت ورفض وأخذته العزة بالجاهلية وقال: “والله لقد كنت آليت ألا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي، أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش!”، لكنه أضمر في نفسه شرًا وحاك خديعة شاركه فيها أربد بن القيس لكن الله جعل كيدهم في نحرهم كما سنرى بعد قليل.
ماذا قال الرسول عن عامر بن الطفيل؟
حينما ذهب عامر على رأس وفد من قبليته إلى سيدنا محمد كان ذلك عام 10 من الهجرة، ورسولنا الكريم شعر أن عامرًا هذا يكيد له وأن قدومه إليه ليس بنية الإسلام، هنا دعى الرسول الكريم ربه قائلًا: “اللهم اكفني عامر بن الطفيل” ثم أن هذا الأخير كان متفقًا مع أربد أن يُشغل سيدنا محمد بالحديث ثم يستغل أربد الفرصة ويقتل النبي بسيفه.
وبالفعل عندما دخل الوفد قال عامر للرسول الكريم “يا محمد خالني” يقصد هنا اتخذني رفيقًا، لكن النبي رفض وقال له” لا والله حتى تؤمن بالله وحده” ثم أن عامرًا تفاجئ بأن أربد لم ينفذ دوره في الاتفاق فظل يردد مطلبه السابق على النبي والرسول يجيبه بنفس الإجابة حتى خرجا، بعدها استهجن عامر ما فعله أربد وأنه لم يقتل محمدًا كما اتفقا وهنا كانت الإجابة الصاعقة حيث قال له أربد فيما معناه كلما هممت بقتله وقفت أنت بيني وبينه أفأقتلك بالسيف؟ ثم أنهما افترقا، وبعدها أتت لحظة هلاك كل منهما كما سنذكر لكم.
كيف مات عامر بن الطفيل؟
أهلك الله عامرًا وهو في طريق عودته حينما أصابه بالطاعون في رقبته، فما كان منه إلا أن لجأ إلى بيت واحدة من قبيلة بني سلول، وحزن عامر على مصيره قائلًا: يا بني عامر، أَغُدَّةٌ كَغُدَّةِ الْبَكْر في بيت امرأة من بني سلول! وهو يقصد هنا بالغدة مرض كان يصيب عنق الأبل فتتسبب في هلاكهم، أما بني السلول فقد عرفوا بمكرهم ولؤمهم، وهذا وإن كان يدل فهو يشير إلى عدم تصديق عامر بأن هذا سيكون مصيره وهو الفارس الذي خاض غمار المعارك، لكن من عادى الرسول ورغب في أذيته كان مصيره الهلاك وعامر ابن الطفيل لم يكن أول الهالكين ولا آخرهم.
رائعه