أصبحت ظاهرة الهشاشة النفسية أوسع انتشارًا، وأحظى اهتمامًا في العالم الغربي، وظهرت ملامحها في العالم العربي منذ عام 2017 وتقتصر هذه الظاهرة على جيل المراهقين والشباب من الطبقات العليا والوسطى ومن هنا يستعرض معنا (د.إسماعيل عرفة) مظاهر تلك الإشكالية وأسبابها مع مقترحات (عملية) للتغلب عليها نفسيًا ودينيًا.
مفهوم الضعف الداخلي والانكسار النفسي
هي صورة من أشكال الاضطراب النفسي.
وهي تعبير عن حالة من الرقّة المبالغ فيها وسرعة الانكسار في مواجهة التحديات المختلفة، فالشخص الذي يعاني من الهشاشة النفسية يرى معظم التحديات تهديدًا وليست جزءًا من حياته.
إن الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي، وما حملته من تعظيم الفرد لذاته، صارت بعض فئات المجتمع أقرب لمخاطر تلك الهشاشة التي تنذر بانكسارها مع أقل موقف يصيبها بضرر ولو يسير.
أسباب تعظيم المشاعر النفسية بشكل مرضي
احد اهم أشكال هذه الظاهرة تعظيم مشاعرنا ونجعلها حَكمًا نهائيًا على كل شيء تقريبًا ونقرر اعتزال كل ما يؤذي مشاعرنا ولو بكلمة بسيطة فنكره نقد أفكارنا لأن النقد بالنسبة إلينا صار كالهجوم ونعشق اللجوء إلى الأطباء النفسيين في كل شعور سلبي في حياتنا ونهرع إليهم طلبًا للعلاج ويظهر الشباب كالاتي:
- أصبح الشباب يعيشون حالة الضحية بشكل دائم.
- مشاعرهم تجرح من أقل شيء.
- ويشعرون بالإهانة من أصغر كلمه.
- يتعمد الشباب إظهار النفسية الضعيفة؛ لكي يجذب التعاطف.
مظاهر تعبر عن هشاشة النفس عند الشباب والمراهقين
هناك مجموعة من المظاهر تدل علي الضعف النفسي بشكل مختلف عند الأفراد، ولكن من بين أبرز هذه المظاهر:
- غياب القضايا الكبرى للأمة الإسلامية عن الساحة.
- عزوف الشباب عن اعتناق آمال وطموحات أممية وعالمية.
- غياب معاني النضال الحقوقي وتلاشت الاهتمامات بالقضايا الإسلامية والعلمية والثقافية والحركية والفكرية لدي الشباب.
- يدور الشباب حول الذات من حيث الاهتمام بالنفس والتركيز حول بناء الشخصية الفردية والدوران في فلك الحياة الشخصية.
- القلق المستمر والخوف من المستقبل والتحديات الجديدة.
- عدم الثقة بالنفس والشعور بالضعف والعجز.
- الصعوبة في التواصل مع الآخرين والاندماج في المجتمع.
- الشعور بالإحباط والتشاؤم وعدم الرضا عن الحياة.
نتائج تضخيم المشكلات في حياتنا
نتائج هشاشتنا النفسية هي أننا نقوم أحيانًا بتضخيم أي مشكلة تظهر في حياتنا إلى درجة تصويرها في عملية تسمى في علم النفس بـ pain Catastrophizing ككارثة وجودية، هذه العملية هي حالة شعورية تعتريك عند وقوعك في مشكلة ما، تجعلك تؤمن بأن مشكلتك أكبر من قدرتك على التحمل، فتشعر بالعجز والانهيار عند وقوع المشكلة وتظهر في الآتي:
-
- التعطش الدائم للحلول السحرية، والسهلة التي ستغير مجرى حياتنا بأبسط مجهود.،
- الشعور بالتحطم الروحي والإنهاك النفسى الكامل.
- الإحساس بالضياع وفقدان القدرة على المقاومة تمامًا.
- الاستسلام للألم وتنهار حياتك كلها بسبب هذه المشكلة.
- تعظيم مشاعرنا ونجعلها حَكمًا نهائيًا على كل شيء تقريبًا ونقرر اعتزال كلّما يؤذي مشاعرنا ولو بكلمة بسيطة.
- نكره نقد أفكارنا لأن النقد بالنسبة إلينا صار كالهجوم.
- اللجوء إلى الأطباء النفسيين في كل شعور سلبي في حياتنا ونهرع إليهم طلبًا للعلاج.
- عدم تقبل النصيحة ولا نرغب في أن يحكم أحدٌ علينا.
أسباب ظاهرة الضعف النفسي
أحد أهم أسباب ظاهرة الضعف النفسي عند الشباب كما أوردها الكاتب هي:
- “السوشيال ميديا”: تؤثر السوشيال ميديا سلبا في بعض جوانبها في صحتنا النفسية، وتعزز هذه الشبكات من هشاشة جيل بِرُمَّته، ويمكن تلمس ذلك عبر الأفكار الآتية:
1- تعزيز النرجسية ـ النرجسية هي مصطلح مشتق من أسطورة يونانية، وتعنى الإنسان يحب نفسه بطريقة مبالغ فيها، فهي حب مفرط للذات، وتركيز مفرط على الذات ـ ففي قوقعة “السوشيال ميديا” الجميع يدور في فلك (أنا)، وليس أي شيء آخر، وقدر المشاركة، والتفاعل مع حسابك الشخصي هو ما يحدد هويتك، وأنت لا ترد شيئا سوى الإعجاب بك، والتفاعل الإيجابي مع ما تنشره.
2 – الاهتمام المفرط بالذات وتهميش القضايا الكبرى.
3- التغيير من أجل التغيير: يقول ثيودور زورن، أستاذ التواصل المؤسسي بجامعه (نورث كارولينا): (إننا جيل نقدس التغيير، ننفق عشرات الثواني، والدقائق، والساعات في هوس البحث عما هو جديد، وصرنا كائنات تعبد السرعة: القهوة الفورية، الحميمية الفورية، الفيديو الفوري، والإشباع الفوري لاحتياجاتنا)
4 – الهوس والتغيير المستمر والسريع: هوس التصفح عن الجديد، وهوس البحث عن الإثارة، وهوس السخرية من كل شيء؛ وهوس السفر، وهوس التقاط السلفي الأمثل في النزهة، أو في البيت، لقد أصبح التغيير قيمة بذاتها، نسعى إليها كل دقيقة. - التربية مفرطة الدلال والحماية.
إن التعويد الدائم على الاعتماد على الغير في إنجاز أي شيء.
يحرم الشاب من اكتساب المناعة، وتطوير ميكانيزماته النفسية بواسطة تحمل المسؤولية والتعرض للمصاعب. - ضعف الثقة بالنفس، وعدم تقدير الفرد لإمكاناته: يشعر الفرد أنه أقل من الآخرين؛ وهذا ما يجعله عرضه سهلة للانتقاد، ويصبح حساسًا جدًا لأي نقد، ويفسر كل شيء بشكل ذاتي؛ فيصبح غير قادر على التكيف، ومعالجة أبسط أمور الحياة.
- غياب القدوة (الأنموذج):بمعنى النشأة في بيئة تتسم بغياب القدوة الحسنة.
- الحساسية المفرطة، وتفسير كلّما يحدث على محمل الجِدّ، وبشكل شخصي.
- الفراغ العاطفي ويعنى ضعف تقدير الشخص لنفسه مما يجعله يركض خلف أي شيء حتى لو كان سلبيًا حتى يحصل على تقديره المفقود وشعوره بالعاطفة التي يفقدها.
- الفراغ الوجودي بمعنى فقدان القيم والمبادئ القويمة.
- لخلافات الأسرية، والحرب النفسية بين الوالدين من صراع، وشتم، وضرب؛ كل هذه الأسباب تجعله طفلا خائفًا، مهزوزا، ذا تفكير سلبي، مرتبكًا عاطفيا يميل إلى العدوان، والعنف.
- هوس الطب النفسي
تعنى الاتجاه المتصاعد لإحالة أحزاننا ومشاكلنا الحياتية الطبيعية إلى أمراض تحتاج العلاج الطبي. - توتر، والقلق الملازمان له؛ نتيجة الضغوطات النفسية المتكررة، التي يتعرض لها بشكل يومي، بحيث يشعر أنه لا يستطيع أن يواجه هذه الأزمات.
- الشعور بالتفرد.
الجيل الحالي تمت تغذيته بأفكار التميز والريادة، وأصبح يشعر دائمًا بالاستحقاق. كل شيء يجب أن يكون لديه، ولا يواجه أي مشكلات أو صعوبات.
كيفية معالجة الضعف النفسي عند الشباب والمراهقين
- عدم الاستسلام للحزن، والضيق، وإشغال النفس عن التفكير في الحالة السلبية.
- ترك مساحة للنفس لمعالجة مشاعرها بنفسها، دون الحاجة لتدخل علاجي، كما يعالج الجسم نفسه بنفسه عن طريق نظام (الاتزان الداخلي).
- القرب من الله بقيام الليل، وعبادات الخفاء، والتنزه، والترويح عن النفس، والدعاء.
- ممارسة الرياضة بانتظام، واتباع نظام غذائي صحي.
- الإقلاع عن الكحول والتدخين والمخدرات، وزرع النفس وَسَط بيئة آمنة صحيًا ونفسيًا.
- مكاشفة النفس ومصارحتها بعيوبها، وأخطائها، وتحمل مسؤولية إصلاحها.
البوح أولًا بأول. - تخلص من إدمان السوشيال ميديا.
- قم بتقييم نفسك تقييمًا نزيهًا، وتعرف مواطن قوتك، وتحكم بنفسك على نفسك، وبذلك: المدح الشديد أو النقد الشديد لن يؤثروا فيك، وسيكون لديك مناعة من النقد، ولن تجرحك افتراضات الآخرين بأنك بلا قيمة.
- علاج الفراغ العاطفي بواسطة شحن نفسك إيمانيًا ومن الدورات التي قام الكاتب بترشيحها دورة التربية الإيمانية.
هل المشاكل دي في شبابنا فقط ولا عامه
هي دي ظاهرة نشأت وظهرت ملامحها في عام 2017 في الوطن العربي لكن الظاهرة موجودة في الغرب منذ فترة طويلة وبأ الكتاب العرب يناقشوا هذة الظاهرة
هل المشاكل دي في شبابنا فقط ولا عامه
المتابع لأهم الظواهر الموجودة في الشباب العربي يدرك حجم هذه الظاهرة
واهم هذه الظواهر العزوف عن المشاركة في الشأن العام وضعف الانتماء وغيرها
بالتوفيق ان شاء الله
جزاك الله خيرا
كتاب جميل
انت الاجمل يا حبيبي