يأتي الثلث الأخير من شهر رمضان المبارك ويحين موعد العشر الأواخر.. الأيام المعدودات التي يتسابق المسلمون في اغتنام فضلها وثوابها وأجرها العظيم ففي تِلك الأيام المُباركات ليلة خير من ألف شهر، فقال الله تعالى في كتابه العزيز “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ.. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ.. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ.. تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ.. سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ”، ومن منا لا يريد اغتنام أجر تِلك الليلة العظيمة، وبالكاد لا يُمكن اغتنامها إلى بعد إدراكها وترقب وقتها، ولذلك “نجوم مصرية” يُخصص لكم هذا التقرير ليوضح لكم متى تبدأ ليلة القدر ومتى تنتهي في العشر الأواخر من رمضان 1444.
سبب تسمية ليلة القدر
الفقهاء والعلماء قد اختلفوا في السبب الرئيسي وراء تسمية “ليلة القدر”، ويجدر الإشارة إلى أن آرائهم قد تباينت فيما أدناه:
- القدر والمنزلة العظيمة والشرف للعامل في ليل القدر، فمن يقوم تِلك الليلة بالعبادة والصلاة والذكر يكون ذا قدر وشأن عظيم.
- تُقدر الأشياء والأمور في ليلة القدر، حيث تطلع الملائكة لتقديم أمور السنة فقال تعالى “فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ”.
- القدر الكامل من الضيق، ففي ليلة القدر فمن كثرة الملائكة التي تهبط الأرض تصبح الأرض ضيقة، وذلك حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم “إنَّ الملائِكةَ تلْكَ الليلةَ في الأرْضِ أكثَرُ من عدَدِ الحَصَى”.
- من حيث المنزلة والقدر فـ”ليلة القدر” هي من أعظم الليالي على الإطلاق، وذلك لقول الله تعالى “إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ”.
متى يبدأ وقت ليلة القدر؟
ليلة القدر هي من أفضل الليالي المميزة التي تُكرر بالعام الهجري مرة واحدة كُل عام بشهر رمضان المبارك، فهي من الليالي العشر الأواخر، والتي ذُكرت بالقرآن الكريم، فهي لدى المسلمين ذو أهمية بالغة جداً، وبالسنة النبوية الشريفة ثبت الحث على ضرورة تحرير تِلك الليلة أهلا وهي “ليلة القدر” في الثلث الأخير وتحديداً بالليالي الفردية منه، وللإجابة على سؤال “متى تبدأ ليلة القدر ومتى تنتهي” فيجب القول أنه لا يوجد وقت مُحدد لليلة القدر سوى انها بالليالي الفردية، وتبدأ وتنتهي تحديداً في:
“تبدأ في الليلة بعد غروب الشمس، وتنتهي مباشرة مع طلوع الفجر من نفس الليلة”
وقت ليلة القدر
- في الثلث الأخير من شهر رمضان المبارك تحل ليلة خير من ألف شهر “ليلة القدر”، وذلك لما ورد في صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – أنها قالت:
“كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُجَاوِرُ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ ويقولُ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ”
- لكن الأقاويل قد اختلفت في هذا الأمر، فقيل أن ليلة القدر تكون في العشر الأواخر من شهر رمضان، وذلك استناداً لما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:
“أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوِتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ”
- بعض الأقاويل الأخرى أشارت إلى أن ليلة القدر في السبع ليالي الأخيرة من شهر رمضان، وذلك لما ورد عن البخاري – عن عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما:
“فمَن كانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا في السَّبْعِ الأوَاخِرِ”
- في الأخير قيل أيضاً أن ليلة القدر ليلة مُتنقلة دون أن يتم تحديد وقتها ما إذا كانت بالليالي الفردية أو الليالي الزوجية.
ما هي علامات ليلة القدر؟
في العشر الأواخر من شهر رمضان يحرص المسلمون على ترقب موعد ليلة القدر، وذلك من خلال تحديد علاماتها ودلائلها، مع الإشارة إلى أن الأدلة الخاصة بليلة القدر لا تحدث إلى بعد أن تقع ليلة القدر، ومن علاماتها:
- في صباح اليوم التالي لليلة القدر تطلع الشمس دون شعاع فقد جاء عن بن كعب – رضي الله عنه:
“وآيةُ ذلك أنْ تَطلُعَ الشَّمسُ في صَبيحَتِها مِثلَ الطَّسْتِ، لا شُعاعَ لها، حتى تَرتفِعَ”
- في ليلة القدر تنزل الملائكة أفواجاً، حيث قال الله عز وجل “تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ”، وأيضاً جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه:
“وإن الملائكةَ تلك الليلةَ أَكْثَرُ في الأرضِ من عَدَدِ الحَصَى”
- النقاء والصفاء في ليلة القدر، فقد جاء في أثر غريب عن عبادة بن الصامت:
“أمارَةَ ليلةِ القدْرِ أنها صافيةٌ بَلِجَةٌ كأن فيها قمرًا ساطعًا ساكنةٌ ساجيةٌ لا بردَ فيها ولا حرَّ ولا يحِلُّ لكوكبٍ يُرمى به فيها حتى تُصبِحَ، وإن أمارتَها أنَّ الشمسَ صبيحتَها تخرُجُ مستويةً ليس لها شُعاعٌ مثلَ القمرِ ليلةَ البدرِ ولا يحِلُّ للشيطانِ أن يخرُجَ معَها يومَئذٍ”
- في ليلة القدر لا يوصف الجو بالحرارة ولا البرودة، وتتميز باعتدال الجو بها، فقد جاء عن عبدالله بن عباس – رضي الله عنهما:
“ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سمِحَةٌ، طَلِقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ”
أدعية ليلة القدر
يُمكن أن يقوم المسلم بالدعاء والتضرع لله عز وجل في ليلة القدر، وذلك من خلال الادعية العامة أو الأدعية المأثورة، ومن أدعية ليلة القدر:
- اللهم إنك عفو كريم تُحب العفو فاعف عنا.
- ربنا اشف مرضانا ومرضى المسلمين، وارحم موتانا وموتى المسلمين.
- رب اجعلنا شاكرين لنعمك يا أرحم الراحمين.
- اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، وانصرنا على أعدائنا يا أرحم الراحمين.
- يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين.
- يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ.
- اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بكَ مِن فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ القَبْرِ وَعَذَابِ القَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الغِنَى، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الفَقْرِ، وَأَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ فِتْنَةِ المَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الخَطَايَا، كما نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وبيْنَ خَطَايَايَ، كما بَاعَدْتَ بيْنَ المَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ فإنِّي أَعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ، وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ.
- اللهمَّ اقسمْ لنا من خشيتِك ما يحولُ بيننا وبين معاصيكَ، ومن طاعتِك ما تبلغُنا به جنتَك، ومن اليقينِ ما يهونُ علينا مصيباتِ الدنيا، ومتعنَا بأسماعِنا وأبصارِنا وقوتِنا ما أحييتَنا، واجعلْه الوارثَ منا، واجعلْ ثأرنا على منْ ظلمَنا، وانصرْنا على منْ عادانا، ولا تجعلْ مصيبَتنا في دينِنا، ولا تجعلِ الدنيا أكبرَ همِّنا، ولا مبلغَ علمِنا، ولا تسلطْ علينا منْ لا يرحمُنا.