الحاج نصر الدين لم يثنيه فقد ذراعيه عن أداء فريضة الوضوء حيث استبدل قدميه بكفيه لجمع الماء بهما ليتمكن من المضمضة، والاستنشاق، وغسل سائر أعضاء الوضوء، وقد ظل على هذه الحال لسنوات عديده، وهو يحافظ على الوضوء لأداء الصلوات الخمس كما لو كان مكتمل الاعضاء حيث يقوم بإمساك إناء الماء بفمه ثم يقوم بإغلاق قدميه من أسفل لجمع الماء بهما كما لو كانوا كفين ثم ينحنى ليأخذ الماء بفمه للمضمضه ثلاث مرات، ثم يعاود صب الماء على قدميه، ووضع وجهه على قدميه لاستنشاق الماء ثم الأستنثار بأصابع قدميه، ويقوم بغسل وجهه أيضا، والمسح على رأسه، وغسل أذنيه، ورجليه، ورغم هذا العناء المتكرر كل يوم على مدار سنوات عديدة إلا أنه ظل محافظا على الفريضة التى خلق من أجلها في الوقت الذى يغفل الكثير من الاصحاء عن واجباتهم تجاه الله تعالى، فأى حجه يقيمها الله تعالى على الأصحاء من خلال هذا الرجل، وهذا الأبتلاء الذي يرفع الدرجات، ولا نزكي على الله أحداً، وقد يظن الكثير، وخاصة الذين لم تلامس لذة الطاعة، والعبادة قلوبهمأن وضوء هذا الرجل يجعله يعيش حالة من المعاناة، ولكن ما يعيشه الرجل هو على العكس تماماً فما يدفعه إلى القيام بهذا رغم صعوبته يتمثل في لذة التقرب إلى الله فقد أذاقه الله تعالى حلاوة، ومتعة الطاعه مما يجعل العناء، والمشقة تتحول الى متعة. فالصلاة هى الفريضة الوحيدة التى لا تسقط عن الإنسان تحت أى ظرف فالرجل رغم فقد ذراعيه إلا أنه يتحدى الإعاقة، ويحافظ على إتمام الوضوء على أكمل وجه، وهذا يمثل أعظم التحديات للإعاقة، وإن كانت التحديات الأخرى للإعاقة في مجالات الرياضة، والعلوم، وغيرها تعتبر أمر جيد، وعظيم، ولكن لا ترقى إلى درجة عظم تحدى الإعاقة من أجل تأدية العبادة لله تعالى، وذلك لأن تحدى الإعاقة في شتى المجالات ينال صاحبها التكريم من المجتمع، وهو قطعا يستحق هذا التكريم، أما مثل هذا النموذج الذى يتحدى الإعاقة من أجل المحافظة على أداء الفريضة فهو ينال التكريم من الله جل وعلا.