- يتغير العالم من حولنا باستمرار، ومع هذا التغير تزداد الحاجات وتختلف الرغبات وتتنوع الخدمات، مما يجعل العمليات اليدوية غير قادرة على تلبية المتطلبات، لذا أصبحت الحاجة ملحة إلى اعتماد أفراد المجتمع على تطبيق التكنولوجيا الرقمية، وكذلك الاقتصاد يحتاج إلى هذه الرقمنه.
يعد مصطلح الاقتصاد الرقمي (Digital economy) من المصطلحات التي شاع ذكرها في الآونة الأخيرة، وكثيراً ما يتطرق إلى أسماعنا كلمة الاقتصاد الرقمي، ويتبادر إلى أذهاننا الكثير من الأفكار، لذا سنقوم في هذا المقال بإلقاء الضوء على هذا المصطلح الذي أصبح لا غنى عنه في عصر التكنولوجيا، كما سنتطرق إلى الحديث عن كيفية نشأته، وأهميته، وأهدافه، وعلاقته بتحقيق التنمية المستدامة.
مفهوم الاقتصاد الرقمي ومكوناته.
تعددت التعاريف التي تناولت الاقتصاد الرقمي، فهو مصطلح يتكون من شقين: اقتصاد وهو نظام ينتج ويوزع السلع والخدمات في محاولة لتلبية احتياجات المجتمع، ورقمي يقصد بها رقمنه الأساليب والأنشطة التقليدية، لذا نستطيع أن نقول بكلمات بسيطة بأنه هو الاقتصاد الموجود عندما يستفيد الاقتصاد التقليدي من التغيير التكنولوجي بما يؤدي إلى تبادل العروض الجديدة وإنشاء نماذج أعمال جديدة وأسواق أعمال جديدة، وهو مصطلح يشمل جميع المعاملات الاقتصادية التي تحدث على الإنترنت، لذا فهو اقتصاد يركز على التقنيات الرقمية والحاسوبية متضمناً جميع الأنشطة (الاقتصادية والتجارية والثقافية والاجتماعية) وكل ما يدعمه الويب وتقنيات الاتصال الرقمية الأخرى بما يحقق الشفافية.
ويتكون الاقتصاد الرقمي من 3 مكونات رئيسية وهي:
- البنية التحتية: يقصد بها الأجهزة، والشبكات، والبرامج، وأنظمة التشغيل، وتخزين البيانات، وكل ما تستخدمه الشركات لإجراء عملياتها
- الأعمال الإلكترونية: يقصد بها تسيير الأنشطة التجارية من خلال استخدام الأنظمة الإلكترونية.
- التجارة الإلكترونية: هي بيع وشراء السلع والخدمات من خلال الأنظمة الإلكترونية. يتضمن ذلك تبادل الأموال والسلع والخدمات بين الشركات والمستهلكين.
نشأة الاقتصاد الرقمي.
تباينت الدراسات في تحديد نشأة الاقتصاد الرقمي، ولكن يتضح أنه نشأ من الناحية النظرية منذ زمن بعيد، حيث هناك دراسة عن اقتصاد المعلومات للاقتصادي فرانك نايت في عام 1921، ثم تبع ذلك دراسة عن نظرية اقتصادية للتنظيم والمعلومات في عام 1954، ثم توالت دارسات عديدة تتعلق بالمعلومات، ولكن تعد البداية الحقيقية للاقتصاد الرقمي مع ظهور الإنترنت وصدور أول متصفح تجاري لشبكة الإنترنت في عام 1994، وتمت صياغة المصطلح لأول مرة في كتاب “الاقتصاد الرقمي: الوعد والخطر في عصر الذكاء الشبكي” للمؤلف دون تابسكوت في عام 1995.
أهمية الاقتصاد الرقمي.
مما لا شك فيه أن تطبيق الاقتصاد الرقمي يساهم بشكل كبير في الحد من مساوئ الاقتصاد التقليدي، والذي يتضح من خلال: –
- سهولة وصول الشركات إلى العديد من العملاء، وفتح العديد من الأسواق في وقت أقل.
- خلق العديد من فرص العمل.
- تقليل التكاليف باستخدام التكنولوجيا المتطورة مما يساهم في تحسين الكفاءة.
- تسريع دورة الإنتاج والسويق والتوزيع.
أهداف الاقتصاد الرقمي
يسعى الاقتصاد الرقمي إلى تحقيق العديد من الأهداف، ولكن يعد الهدف الأسمى لتطبيق الاقتصاد الرقمي هو زيادة الإنتاجية وذلك من خلال استخدام الأساليب التكنولوجية الحديثة، وتعزيز القدرة التنافسية الاقتصادية، وهناك العديد من الأهداف الأخرى مثل توفير الوقت والجهد من خلال إتاحة السلع والخدمات الرقمية، وتحقيق الشفافية بتحجيم المعاملات النقدية بما يساهم في تقليل نسب الفساد، والتشجيع على استخدام الإنترنت، وزيادة حجم التجارة الإلكترونية.
الاقتصاد الرقمي والتنمية المستدامة
على الرغم من عمل التقنيات الرقمية على إحداث تغيرات جذرية في المجتمعات والصناعات والاقتصاد بشكل عام، إلا أنها تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في تحقيق التنمية المستدامة، وذلك من خلال مساهمة تقنيات مثل الإنترنت والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية في سد الفجوات بين البلدان المتقدمة والنامية، ومعالجة التحديات العالمية مثل الفقر والجوع وتغير المناخ، وتسريع رفاهية الإنسان.
وفي الختام وبعد توضيح مفهوم الاقتصاد الرقمي وأهم 3 من مكوناته ونشأته وأهميته وأهدافه، يتضح لنا السبب الرئيسي من سعي الدول والحكومات إلى تطبيق الاقتصاد الرقمي، وهو ما يوفره من حلول ناجحة في القضاء على البيروقراطية، والمساهمة بشكل كبير في الحد من الفساد، وتحقيق معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي، إلا أنه يصعب على الدول النامية التحول نحو الاقتصاد الرقمي، وذلك نظراً لارتفاع حجم التكلفة اللازمة لتوفير بنية تحتية جيدة.