حين يريد الله تعالى وصف شكل، وهيئة الأرض، ويريد بهذا الوصف أن يخاطب العلماء، والمفكرين من البشر فإنه تعالى يعطى لهم عبر القرآن الكريم وصفاً فيزيائي في قمة الدقة، والإحكام، وهذا ما جاء في قوله تعالي “وَٱلشَّمۡسُ تَجۡرِي لِمُسۡتَقَرّٖ لَّهَاۚ ذَٰلِكَ تَقۡدِيرُ ٱلۡعَزِيزِ ٱلۡعَلِيمِ (38) وَٱلۡقَمَرَ قَدَّرۡنَٰهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ كَٱلۡعُرۡجُونِ ٱلۡقَدِيمِ (39) لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلّٞ فِي فَلَكٖ يَسۡبَحُونَ (40)” فلو تأملنا قوله تعالى ” لَا ٱلشَّمۡسُ يَنۢبَغِي لَهَآ أَن تُدۡرِكَ ٱلۡقَمَرَ وَلَا ٱلَّيۡلُ سَابِقُ ٱلنَّهَارِۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ”. فالآية الكريمة هنا تتحدث عن الحركة النسبية للشمس، والقمر، والليل، والنهار إذ نجد أنه في الشق الأول من الآية يخبرنا بأن القمر سابق، وفي المقدمة، والشمس خلفها في المؤخرة، وذلك في قوله لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر، ثم بعدها مباشرة نجد الآية تذكر لنا العكس تماماً إذ تخبرنا بأن الشمس هى التى تسبق القمر، في حركتها بالنسبة للأرض، وهى التى في المقدمه، وذلك حين قال، ولا الليل سابق النهار فحين ينفي أسبقية الليل على النهار فهو بذلك ينفى تقدم القمر على الشمس الذى أثبته في صدر الآية، وهذا التقدم الأخير للشمس تقدم ضمني لأن القمر يلازمه الليل بينما الشمس ملازمة النهار ففي الأولي جعل السبق للقمر، وهذا يترتب عليه سبق الليل للنهار، وفي الثانية جعل السبق للنهار، وهذا يترتب عليه سبق الشمس للقمر. فحين يتفكر العلماء على أي أنواع الحركة تنطبق تلك الحركة فلا يجدون سوى الحركة الدورانية فهى الحركة الوحيدة التى إذا تحرك فيها جسمان فإن كلاهما سابق، وكلاهما لاحق حيث لا يمكن لأي منهما أن يسبق الآخر لأنهما يتحركان حركة نسبية دورانية، وهذا الوصف الفيزيائي الدقيق، والمبدع يؤكد على الشكل الدورانى للأرض. هذا هو القرآن الكريم وعظمته.