محمد إبراهيم: يكتب
لقد امتلأ العالم بأقوال الحكماء، والزعماء، والعلماء، التي أصبحت تردد إلى يومنا هذا، أقوالا مأثورة تحث الإنسانية كلها على الاجتهاد والعمل والتضحية، من أجل الوصول إلى وطن يمتلئ بالثقافة المتحضرة، والتوعية المستدامة للمجتمع، فعندما تذكر أقوال علماء هذه الأمة يكون في مقدمتها، قول مولانا الإمام الراحل محمد متولي الشعراوي- رحمه الله- تعالى.
«الثائر الحق من يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني الأمجاد»
هذا الإمام الذي علم الدنيا كلها معاني الإسلام، وفضائل القرآن والسنة، يضرب لنا مثالا من خواطره للذين يثورون من أجل الحق وهدم الفساد في المجتمع، ولقد تردد هذا القول المأثور الذي قاله الإمام منذ زمن بعيد يتجاوز الثلاثون عاما، في السنوات القليلة الماضية خاصة بعد انطلاق ثورات الربيع العربي، فحينها كاد الناس أن تفتقد إلى معاني الثائر الحق، وكيف يثور، ومتى يكون ثائرا، فيشرح لنا الإمام الجليل الراحل محمد متولي الشعراوي- رحمه الله- تعالى.
أن الثائر الحق، هو الذي يثور من أجل إرجاع حقوق الناس ومحاربة وهدم الفساد في الأرض، فلا ريب عندي أنه إذا غاب الثائرون، انقلبت الأمور واختلت الموازين وعم الفساد والظلم في الأرض، حتى يتمكن الظالمون من نهب حقوق العباد وهتك أعراضهم، ولا يكون حينها هناك عيش بأمان.
ثم يهدأ، من بعد أن كافح وجاهد من أجل إرجاع الحقوق للناس، ونشر الحق والقضاء على الظلم في الأرض، ليبني الأمجاد، ليبني الوطن وإصلاح ما تم إفساده من قبل الطغاة، الذين ثار الناس من أجل القضاء عليهم وتحرير أنفسهم من ظلمهم، يهدأ بعد أن ثار في الأرض ليبني المستقبل، يهدأ حتى يعود جيل جديد على فكر ونهج سليم، وليس نهج التطرف والانحراف، حقا يا له من قول لفضيلة الإمام الراحل محمد متولي الشعراوي الذي أذن الله تعالى برحيله، ولكن مكث علمه في الأرض تتوارثه الأجيال، حتى تتعلم كيف تثور، وعلى من تثور، ومن أجل ماذا يجب أن تثور، فإذا ذكر الأب الروحي ذكر الإمام، وإذا ذكر العلم الميسر ذكر الإمام، وإذا ذكر علم الدين الوسطى ذكر الإمام، فلما لا نمدح فيه وقد مدحه الله، واختصه حين من عليه أن جعله من العلماء الإجلاء لينير عقولنا، حتى بعد مماته بأقواله وحكمه وخواطره العظيمة.
لذا يجب علينا نحن عامة الناس، أن نتعلم من خواطر الإمام أن نجتهد ونثور من أجل الحق والقضاء على الظلم، ثم نجد ونتعب حتى نبني الأمجاد، فلا يكون هناك وطن دون أن نعمل على بناء أمجاده، ليصبح سويا مثقفا متحضرا يقام على أهداف متعددة متطورة، وليس هدف هدم الفساد فحسب، الثائر الحق ليس مجرد قول أو خاطرة من خواطر الإمام الراحل، ولكنه درس علم، ورثه أجيالا حتى أصبح يردد إلى يومنا هذا.
لذا يجب علينا أن نتعلم، وندرس أقوال حكماء الأمة حتى يرثها أبناؤنا من بعدنا، ويتعلمون فنون العيش في الحياة، حتى يصبحوا كالثائر الحق، الذي يثور ليهدم الفساد، ثم يهدأ ليبني الأمجاد.
رحم الله تعالى، مولانا الإمام الراحل هادي الأمة الإسلامية، بعلمه وخواطره العظيمة الجليلة، محمد متولي الشعراوي- رحمه الله- تعالى.
وختاما كما قال الشاعر.
الفضلُ إِلا لأهلِ العلمِ إِنهمُ. على الهُدى لمن استهدى إدلاء
وقيمةُ المرءِ ما قد كان يحسِنُهُ… والجاهِلونَ لأهل العلمِ أعداءُ.
فقمْ بعلمٍ ولا تطلبْ به بدلا. فالناسُ مَوْتى وأهلُ العلمِ أحياءُ.