يتساءل العديد من الأشخاص أين ذهب ذهب المصريين الذي سرقه بنو إسرائيل الذين عبدوا العجل الذهبي وهم يخرجون مع المؤمنين مع نبي الله موسى، وهنا لابد من الرجوع إلى قصة خروج بنو اسرائيل من مصر، فحينما ذهب سيدنا موسى عليه السلام إلى ميقات الله سبحانه وتعإلى (مكان الكلام معه) وهو جبل الطور، ليتحدث معه عن أمور كبيرة ويكلمه الله سبحانه وتعإلى ذهب رجل إلى بني اسرائيل اسمه السامري فأخذ الذهب والحلي وصنع عجلًا من قبضة تراب من نفر سيدنا جبريل عليه السلام حينما رآه يوم أغرق الله فرعون على يديه.
وحينما ألقى السامري التراب تحول العجل إلى جسد لحم ودم يخور، وقاله في ذلك قتادة وغيره. وقيل: بل كانت الريح إذا دخلت من دبره، خرجت من فمه، فيخور كما تخور البقرة، فيرقصون حوله ويفرحون.
قال السامري إن ذلك إلهكم وإله موسى، وأن النبي موسى نسى هذا الإله عند بني اسرائيل – تعإلى الله عما يقولون علوا كبيرا، وتقدست أسماؤه وصفاته، وتضاعفت آلاؤه وعداته – وحينما عاد سيدنا موسى عليه السلام من الميقات ورأى أنهم يعبدون العجل رغم أن معه الألواح التي بها التوراة ألقاه، وأقبل عليهم وعنفهم ووبخهم ثم اعتذروا إليه وقالوا إنهم كانوا يحملون أغراض من زينة آل فرعون وألقوا لأنهم أصيبوا بالحرج، والسامري هو الذي حولها لعجل وخدعهم.
وذهب سيدنا موسى عليه السلام إلى السامري ودارت محادثة معه قال فما خطبك يا سامري أي; ما حملك على ما صنعت. قال بصرت بما لم يبصروا به أي; رأيت جبرائيل، وهو راكب فرسا فقبضت قبضة من أثر الرسول أي; من أثر فرس جبريل. وقد ذكر بعضهم أنه رآه وكان كلما وطئت بحوافرها على موضع، اخضر وأعشب، فأخذ من أثر حافرها، فلما ألقاه في هذا العجل المصنوع من الذهب حدث ما حدث.
فعاقب الله سبحانه وتعإلى السامري قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وهذا دعاء عليه بأن لا يمس أحدا; معاقبة له على مسه ما لم يكن له مسه. هذا معاقبة له في الدنيا، ثم توعده في الأخرى وذهب سيدنا موسى عليه السلام لذلك العجل فحرقه قم رماه في البحر، وأمر بني إسرائيل فشربوا، فمن كان من عابديه، علق على شفاههم من ذلك الرماد منه ما يدل عليه، وقيل: بل اصفرت ألوانهم.
في التوراة
في التوراة ويشرح ذلك الدكتور سامي الإمام، أستاذ الديانة اليهودية بجامعة الأزهر الشريف، ويقول جاء بالتوراة عن ثروات خرج بها بنو إسرائيل من مصر في زمن موسى، عليه السلام: “وطلبوا من المصريين آنية فضّة وذهبًا وثيابًا بحسب قول موسى، فأعطوهم كل ما طلبوه، فسلبوا المصريين”. أخذوا ذهبًا وفضة، وآنية، ومواشي وغير ذلك فكيف أخذت هذه الأشياء؟ وهل كانت سذاجة من المصريين؟ أم طيبة؟ أم خداع يهودي؟
تتحدث التوراة عن سلب اليهود للمصريين صراحة، ومع ذلك تظل صورة مصر في كتاب “العهد القديم” قاتمة؛ فهى “بيت العبودية”، والإله يستهل الوصايا العشر بقوله:
أنا الرب إلهك الذي أخرجك من مصر؛ من “بيت العبودية” وتكرر وصف مصر بهذه الصفة عشرات المرات، وصورة مصر بشكل عام عند الإسرائيليين تحتل مكانًا ذا أبعاد رمزية فهى مكان للنفي، والقتل، والتعذيب، والعبودية. وهى صورة ساعد الصهاينة، في العصر الحديث، على ترسيخها في الأذهان.
فهل حقًا كانت مصر بهذا السوء والقبح في عيون الإسرائيليين الذين خرجوا مع موسى؟! للإجابة عن هذا السؤال نستشهد بالتوراة نفسها فقد عاش بنو إسرائيل في مصر قديمًا في منطقة كانت تسمى “جاسان”، لعلها الآن في محافظة الشرقية، في بحبوحة من العيش ورغده، حتى أنهم حين خرجوا كانوا يسوقون أمامهم قطعانًا كبيرة من الماشية: “وخرج معهم لفيف كثير أيضًا مع غنم وبقر ومواشي وافرة جدًا”.
ليس هذا وحسب بل تسجل التوراة أنهم ندموا على تلبيتهم دعوة موسى وهارون لمسيرة الخروج، فنقرأ: “وقال لهما بنو إسرائيل: ليتنا متنا بيد الرب في أرض مصر إذ كنا جالسين عند قدور اللحم، نأكل حتى الشبع”.
ونقرأ خطابهم لموسى نفسه: “أقليل أنك أخرجتنا من أرض تفيض لبنًا وعسلا لتميتنا في الصحراء”! لقد ترددوا في قبول دعوة موسى للخروج، فأي عبودية يتحدثون عنها، إذا كان هذا هو حديث التوراة عن مصر!؟ ألم تكرم مصر وفادة يعقوب، عليه السلام، وأبنائه من مجاعة اجتاحت كنعان (فلسطين) آنذاك؟ ألم يتزوج سليمان من أميرة فرعونية؟
” وتزوج سليمان ابنة فرعون ملك مصر، وأحضرها إلى مدينة داود ريثما يتمّ إكمال بناء قصره ” ألم يلجأ كثيرون من بني إسرائيل إلى مصر التماسًا لخيرها وعطائها وطلبًا لودها وبحثًا عن حمايتها؟ تذكر التوراة أن النساء الإسرائيليات استعرن من المصريات أقراط وحلي ذهبية وفضية وأشياء أخرى قبيل الخروج من مصر، فهل لو كان المصريون بهذا السوء الوارد في بعض آيات التوراة هل كانت النساء اليهوديات يستعرن الحلي الذهبية منهم بهذه البساطة؟!
وإذا كان بنو إسرائيل الخارجون مع موسى كان عددهم يقترب من المليونين بحسب إحصاء التوراة فلو افترضنا أن ربع هذا العدد من النساء، أي 500 ألف سيدة،أخذًا في الاعتبار أن فرعون كان يقتِّل البنين، فلو استعارت كل واحدة منهن قطعة ذهبية واحدة لكان عدد القطع 500 ألف قطعة، فكم تساوي قيمة هذه القطع الآن، بعد حوالي ثلاثة آلاف وخمسمائة عام من الزمن الذي أخذت فيه من مصر، وكم تساوي قيمة الفائدة المحصلة أو الربا الذي يؤمن به اليهودي إن كان تعامله مع غير اليهودي؟