أثارت المخطوطة المكتوب عليها أجزاء من القرآن الكريم، والتي تعتبر النسخة الأقدم في العالم، الجدال بين أوساط المفكرين الإسلاميين، حتى شكك البعض في مصداقية جامعة برمنجهام البريطانية التي اكتشفت الوثيقة في مكتبتها.
الجدل تفاقم كون أن اختبار الكربون المشعّ أظهر أن عُمر الرقعة التي كتب عليها أجزاء من القرآن الكريم تعود إلى 1400 عامًا أي ما بين الفترة 645 – 568 ميلاديًا أي ما قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
وردًا على هذه الجدلية لابد من التأكيد أن ﻣﺨﻄﻮﻃﺔ ﺑﺮﻣﻨﺠﻬﺎﻡ التي تم اكتشافها ليست من رواية حفص عن عاصم التي يقرأ بها أهل مصر حاليًا، بل هي رواية ابن عامر، وذلك ردًا على البعض الذي يقول إن بها اختلافات عن نسخة المصحف الموجودة في مصر.
أما عن جدلية أن العلم أثبت أنها مخطوطة القرآن أقدم من بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فلابد من التوضيح أن الاختبار الكربوني الذي استخدمته جامعة برمنجهام يتم على عُمر “الرقعة” التي كتب عليها وليس عمر الكتابة المكتوبة على الرقعة ويكون هناك هامش خطأ 50 عامًا تقريبًا. بالتالي لا يوجد تعارض على الإطلاق ما بين أن تكون الرقعة أقدم من بعثة النبي عليه الصلاة والسلام، والكتابة على الرقعة مكتوبة على الأغلب في عصر جمع عثمان ابن عفان للقرآن الكريم.
ويؤكد البروفيسور (ديفيد توماس)، الأستاذ المتخصص في المسيحية والإسلام، إلى أن الوحي نزل على الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ما بين 610-632 ميلاديًا وهو تاريخ وفاته ما يعني أن العمر التقديري للصفحات القرآنية من المحتمل جدًا أن يكون كاتبه عاش في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.
وتابع: (كاتب هذه الصفحات بالتأكيد عاش مع النبي عليه الصلاة والسلام، وعرفه، وربما رآه واستمع إلى دعوته، وكان مقربًا منه وهذا واضح من المخطوطة، ومن المعتقد أن هذه النسخة يعود تاريخها إلى أقل من عشرين عامًا بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم).
وأكد البروفيسور (ديفيد توماس) على أمر علمي دقيق وهو أن القرآن الكريم المقروء اليوم لم يطرأ عليه أي تغيير على الإطلاق، ويمكن إعادة تاريخه إلى لحظة زمنية قريبة جدًا من الزمان الذي يعتقد بنزوله فيه.
والنصف القرآني كتب بالخطوط العربية الأولى (الخط الحجازي)، ما يجعلها من أقدم نسخ القرآن الكريم في العالم، وهذا ما أثبتته تقنية الكربون المشع، ومن جهته قال الدكتور والي، المتخصص في المخطوطات الفارسية والتركية في المكتبة البريطانية، إلى أن اللفافتين المكتوبتين بخط اليد الحجازي الجميل والمقروء بصورة مدهشة بالتأكيد يعود إلى زمن الخلفاء الثلاثة الأوائل أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان ابن عفان أي في الفترة ما بين 623-656 ميلاديًا.
يذكر أن الصفحات المكتوبة بالخط الحجازي كانت ضمن مجموعة (ألفونس منغنا)، القسّ الكلداني المولود قرب مدينة الموصل في العراق، وتحتوي تلك المجموعة على 3 آلاف وثيقة من الشرق الأوسط جمعها في العشرينات خلال رحلاته المتنوعة.